قد ذكرنا انه إذا علم ظاهر الكلام يؤخذ به لبناء العقلاء على الأخذ به.
و أما إذا لم يعلم ذلك، فهل يصح الرجوع إلى اللغوي في تعيين الظاهر بلا اعتبار ما يعتبر في الشهادة من التعدد و العدالة أم لا؟ فيه خلاف بينهم، و استدل القائل بحجية قول اللغوي بوجوه:
(الوجه الأول)- أن اللغوي من أهل الخبرة في تعيين الأوضاع و ظواهر الألفاظ، و قد تحقق البناء من العقلاء على الرجوع إلى أهل الخبرة في كل فن، بلا اعتبار التعدد و العدالة، كالرجوع إلى المهندس في تقويم الدار مثلا و إلى الطبيب في تشخيص المرض و علاجه، و لم يثبت ردع شرعي عن ذلك. و اما اعتبار العدالة في الفقيه فانما هو لدليل خاص. و فيه (أولا)- أن الرجوع إلى أهل الخبرة إنما هو في الأمور الحدسية التي تحتاج إلى إعمال النّظر و الرّأي، لا في الأمور الحسية التي لا دخل للنظر و الرّأي فيها. و تعيين معاني الألفاظ من قبيل الأمور الحسية لأن اللغوي ينقلها على ما وجده في الاستعمالات و المحاورات، و ليس له إعمال النّظر و الرّأي فيها، فيكون إخبار اللغوي عن معاني الألفاظ داخلا في الشهادة المعتبرة فيها العدالة بل التعدد في مورد القضاء. و أما في غيره ففي اعتباره خلاف مذكور في محله. و إن شئت قلت: ليس اللغوي من أهل الخبرة بالنسبة إلى تعيين ظواهر الألفاظ بالوضع أو بالقرينة العامة، بل هو من أهل