الحمد
للَّه ربّ العالمين، و صلى اللَّه على سيدنا محمد و آله الطاهرين سيما بقية اللَّه
في الأرضين، و لعنة اللَّه على أعدائهم أجمعين.
من
الأمور التي لا ريب فيها و لا شك يعتريها، أنّ لكلّ عصر ميزات خاصة و مقتضيات
حافّة به، و أنّ عصرنا من أكثر الأعصار ميزةً و أشد الأزمان إشكالًا بسبب ارتباطات
الدول، و اختلاط الأُمم و الملل، و التغييرات الصناعيّة، و الاكتشافات البحريّة و
البرّية، و الاختراعات العجيبة و التسخيرات البديعة، و التحولات العديدة في شتّى
الجهات، و نفوذ سلطة العلم و الصنعة إلى أقصى مراحل الأنفس و الآفاق، و الشبهات
الناشئة من تلك التغييرات و التحولات. كلّ ذلك يقتضي تحوّلًا فقهياً تحلّ به
المعضلات و تيسّر به المشاكل، و تتبيّن به أحكام الموضوعات المستحدثة.
و
هذا هو الذي يستدعي قيام الحوزات العلمية و المراكز الثقافية باستفراغ وسعها لحلّ
المشكلات العلمية، و دفع الشبهات الشيطانية، و تلبية الحاجات الدينية. و إلّا
ينتهي الأمر إلى من لا يكون أهلًا لها، و إلى من لا نصيب له من الاجتهاد، و لا
يكون من أهل الصلاح و السداد فيفتي الناس، و يصل أمر الدين إلى ما نراه في
المؤتمرات و نشاهده في المقالات من إنكار الضروريات و التشكيك في المسلّمات.
و
لما انتهى أمر الزعامة الدينيّة إلى مشايخنا الكرام و أساتذتنا العظام كثر اللَّه
أمثالهم فكان منهم العلم العلّام و أستاذنا الفهّام المرجع الديني