اسم الکتاب : غنية النزوع إلى علمي الأصول والفروع المؤلف : ابن زهرة الجزء : 1 صفحة : 71
وحملهم ذلك على
أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم صلى الظهر في آخر وقتها والعصر في أول وقتها غير صحيح ،
لأن ذلك ليس بجمع بين الصلاتين ، وإنما هو فعل لكل صلاة في وقتها المختص بها ، وفي
الخبر ما يبطل هذا التأويل وهو قوله : «لا لعذر» لأن فعل الصلاة في وقتها المختص
بها ، لا يفتقر إلى عذر ، وبما روى من قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «من فاتته صلاة العصر حتى غربت الشمس فكأنما وتر أهله
وماله». [١] فعلق الفوات بالغروب ، وهذا يدل على أن ما قبله وقت
الأداء ، وبما روى من قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : لا يخرج وقت صلاة حتى يدخل وقت صلاة أخرى [٢] ، لأنه يدل على أن وقت العصر لا يخرج حتى يدخل وقت
المغرب.
فإن قيل : أليس
قد ذهب بعض أصحابكم إلى أن آخر وقت الظهر أن يصير ظل كل شيء مثله؟ وآخر وقت العصر
أن يصير ظل كل شيء مثليه؟ وآخر وقت المغرب غيبوبة الشفق ، وهو الحمرة؟ ووردت
الرواية بذلك عن أئمتكم ، وهذا يقتضي خلاف ما ذكرتموه ، فكيف تدعون إجماع الإمامية
عليه؟
قلنا : هذا
التحديد لا ينافي ما ذكرناه ، لأنه إنما جعل لتفعل فيه النوافل والتسبيح والدعاء ،
وذلك هو الأفضل ، فكان ذلك المقدار حدا للفضل لا للجواز.
وأما أوقات
النوافل في اليوم والليلة فبيانها : أن وقت نوافل الظهر من زوال الشمس إلى أن يبقى
من تمام أن يصير ظل كل شيء مثله مقدار ما تصلى فيه أربع ركعات ، ووقت نوافل
الجمعة قبل الزوال ، ووقت نوافل العصر من حين الفراغ من صلاة الظهر إلى أن يبقى من
تمام أن يصير ظل كل شيء مثليه مقدار ما تصلى فيه أربع ركعات ، إلا في يوم الجمعة
، فإنها تقدم قبل الزوال ، كما قلناه في نوافل الظهر.
[١] الشافعي : الأم :
١ ـ ٧٣ كتاب الصلاة وقت العصر.