اسم الکتاب : غنية النزوع إلى علمي الأصول والفروع المؤلف : ابن زهرة الجزء : 1 صفحة : 56
وقوله سبحانه (وَامْسَحُوا
بِرُؤُسِكُمْ)[١] لأنه لا بد لهذه الباء من فائدة ، وإذا لم تكن فائدتها
ها هنا تعدية الفعل ـ لأنه متعد بنفسه والكلام مستقل بإسقاطها ـ لم يبق إلا أن
يكون فائدتها التبعيض. ويحتج على المخالف بما روى من طرقهم من أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم توضأ ورفع مقدم عمامته وأدخل يده تحتها فمسح مقدم رأسه.
[٢]
والفرض السابع : مسح ظاهر القدمين من رؤوس الأصابع إلى الكعبين ، وهما
الناتئان في وسط القدم عند معقد الشراك ، والأفضل أن يكون ذلك بباطن الكفين ، ويجزي
بإصبعين منهما ، ويدل على ذلك مضافا إلى الإجماع المذكور قوله تعالى (وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ
وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ)[٣] ، لأنه سبحانه أمر بمسح الرأس ، ثم عطف عليها الأجل ، فوجب
أن يكون لها بمقتضى العطف مثل حكمها ، كما وجب مثل ذلك في الأيدي والوجوه ، وسواء
في ذلك القراءة بالجر والنصب.
أما الجر فلا
وجه له إلا العطف على الرؤوس ، ومن تعسف وجعله للمجاورة فقد أبعد ، لأن محصلي
علماء العربية قد نفوا الإعراب بالمجاورة أصلا ، وتأولوا الجر في «جحر ضب خرب» على
أن المراد «خرب جحرة» مثل «مررت برجل حسن وجهه» ولأنه عند من جوزه شاذ نادر لا
يقاس عليه ، فلا يجوز والحال هذه حمل كتاب الله عليه ، ولوجود حرف العطف في الآية
الذي لا يبقى معه للإعراب بالمجاورة حكم ، ولأن الإعراب بذلك إنما يكون في الموضع
الذي ترتفع الشبهة فيه ، لأن من المعلوم أن خربا لا يجوز أن يكون من صفات الضب ، وليس
كذلك الأرجل ، لأنه كما يصح أن تكون مغسولة ، يصح أن تكون ممسوحة ، فلا يجوز أن
يكون إعرابها للمجاورة لحصول اللبس بذلك.
وأما النصب فهو
أيضا بالعطف على موضع الرؤوس (كما قال :