اسم الکتاب : غنية النزوع إلى علمي الأصول والفروع المؤلف : ابن زهرة الجزء : 1 صفحة : 444
فمن خرج اسمه حلف وحكم له. وإن كان لكل واحد منهما يد ولا بينة لأحدهما ، كان
الشيء بينهما نصفين ، كل ذلك بدليل إجماع الطائفة.
وإذا ثبت أن
الشاهد شهد بالزور ، عزر وأشهر وأبطل الحاكم حكمه بها إن كان حكم ورجع على المحكوم
له بما أخذ ، إن أمكن ، وإلا على شاهد الزور ، وإن كان ما شهد به قتلا أو جرحا أو
حدا اقتص منه ، وإذا رجع عن الشهادة بشبهة دخلت عليه ، لزمه دية القتل ، أو الجرح
، ومثل العين المستهلكة بشهادته ، أو قيمتها إن يرضى المحدود [١] بما يتفقان عليه ، بدليل الإجماع المشار إليه.
واعلم أنه
ينبغي للحاكم أن يفرد الوقت الذي يجلس فيه للحكم له خاصة ، ولا يشوبه بأمر آخر
سواه ، وأن لا يجلس وهو غضبان ولا جائع ولا عطشان ولا مشغول القلب بشيء من
الأشياء ، ويجلس مستدبر القبلة وعليه السكينة والوقار ، وينزه مجلسه عن الدعابة
والمجون [٢] ، ويوطن نفسه على إقامة الحق والقوة في طاعة الله
تعالى.
وينبغي له أن يسوي
بين الخصمين في المجلس واللحظ والإشارة ، ولا يبدأهما بخطاب إلا أن يطيلا الصمت ، فحينئذ
يقول لهما : إن كنتما حضرتما لأمر فاذكراه ، فإن أمسكا أقامهما ، وإن ادعى أحدهما
على الآخر لم تسمع دعواه إلا أن تكون مستندة إلى علم ، مثل أن يقول : أستحق عليه ،
أو ما أفاد هذا المعنى ، ولو قال : أدعي عليه كذا ، أو أتهمه بكذا ، لم يصح ، وأن
يكون ما ادعاه معلوما متميزا بنفسه أو بقيمته ، فلو قال : أستحق عليه دارا أو ثوبا
، لم يصح للجهالة.
وإذا صحت
الدعوى أقبل الحاكم على الخصم وقال : ما تقول فيما ادعاه؟
فإن أقر به
وكان ممن يقبل إقراره ، للحرية ، والبلوغ ، وكمال العقل ، والإيثار
[١] المجون : أن لا
يبالي الإنسان بما صنع. لسان العرب.