اسم الکتاب : غنية النزوع إلى علمي الأصول والفروع المؤلف : ابن زهرة الجزء : 1 صفحة : 274
والآخر لفظ العشرة ، مع استثناء الواحد ، فبأيهما أتى فقد عبر عن التسعة.
وإن كان ما
استدركه من غير جنس الأول كقوله : علي درهم لا بل دينار ، أو قفيز حنطة لا بل قفيز
شعير ، لزمه الأمران معا ، لأن ما استدركه لا يشتمل على الأول ، فلا يسقط برجوعه
عنه ، وإن كان ما أقر به أولا وما استدركه متعينين [١] فبالإشارة إليهما أو بغيرهما [٢] مما يقتضي التعريف ، لزمه أيضا الأمران ، سواء كانا من
جنس واحد ، أو من جنسين ، أو متساويين في المقدار ، أو مختلفين ، لأن أحدهما ـ
والحال هذه ـ لا يدخل في الآخر ، فلا يقبل رجوعه عما أقر به أولا ، كقوله : هذا
الدرهم لفلان لا بل هذا الدينار ، أو هذه الجملة من الدراهم لا بل هذه الأخرى.
وإذا قال : له
علي ثوب في منديل ، لم يدخل المنديل في الإقرار ، لأنه يحتمل أن يريد في منديل لي
، ولا يلزم من الإقرار إلا المتعين دون المشكوك فيه ، لأن الأصل براءة الذمة ، وكذا
القول في كل ما جرى هذا المجرى.
وإذا قال : له
علي ألف درهم وديعة ، قبل منه ، لأن لفظة «علي» للإيجاب ، وكما يكون الحق في ذمته
، فيجب عليه تسليمه بإقراره ، كذلك يكون في يده فيجب عليه رده وتسليمه إلى المقر
له بإقراره.
ولو ادعى التلف
بعد الإقرار قبل ، لأنه لم يكذب إقراره ، وإنما ادعى تلف ما أقر به بعد ثبوته
بإقراره ، بخلاف ما إذا ادعى التلف وقت الإقرار ، بأن يقول : كان عندي أنها باقية
فأقررت لك بها وكانت تالفة في ذلك الوقت ، فإن ذلك لا يقبل منه ، لأنه يكذب إقراره
المتقدم ، من حيث كان تلف الوديعة من غير تعد [٣] يسقط حق المودع.