اسم الکتاب : غنية النزوع إلى علمي الأصول والفروع المؤلف : ابن زهرة الجزء : 1 صفحة : 196
بدليل الإجماع المشار إليه ، وأيضا قوله تعالى (وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتّى
يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ)[١] ، ولا شبهة في أنه تعالى كلف ذلك مع التمكن منه ، فإذا
فقد التمكن يسقط تكليفه ، ويحتج على من قال : بأن ذبحه لا يجوز إلا بالحرم ، بأن
النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ذبح هديه بالحديبية حين صده المشركون عن مكة وهذا مما
قد اتفقوا على روايته.
وإذا لم يكن
لمن ذكرنا حاله هدي ولا قدر على شرائه ، لم يجز له التحلل ، ويبقى الهدي في ذمته ،
ويبقى محرما إلى أن يذبحه من قابل ، أو يذبح عنه ، ولم ينتقل إلى الإطعام ولا إلى
الصوم ، بدليل الإجماع الماضي ذكره وأيضا قوله تعالى : (فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ
مِنَ الْهَدْيِ). [٢] الآية ، والتقدير فإن أحصرتم وأردتم التحلل فما استيسر
من الهدي ، ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله ، فإذا بلغ فاحلقوا ، ولم يذكر
لذلك بدلا ، ولو كان له بدل ، لذكره ، كما ذكر بدل نسك حلق الرأس من الأذى ، وبهذا
نستدل على أن قوله : «فحلى حيث حبستني» لا يغني عن الهدي في التحلل ، وإنما ندب
المكلف إلى هذا القول تعبدا.
ويجب على ما
ذكرنا حاله القضاء إن كان حجا واجبا ، ولا قضاء عليه إن كان تطوعا ، والاستئجار على
الحج عن الميت والمعضوب [٣] جائز بدليل الإجماع المشار إليه ، وأيضا فالأصل جواز
الإجارة في جميع الأشياء فمن منع من ذلك في بعضها فعليه الدليل ، ويعارض المخالف
بما رووه من قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم للذي سمعه يلبي عن شبرمة [٤] : حج عن نفسك ثم عن شبرمة [٥] وبخبر الخثعمية [٦] لأنه دل على