لا يخفى عليك أن تعظيم المصحف وسائر المعظمات الالهية واحترامها مما
لا شبهة في حسنه، إلا أن اللازم اثبات أن ترك احترامها قبيح عقلا وحرام
شرعا، وليس ترك كل حسن - بما هو - قبيحا، إلا إذا انطبق عليه عنوان قبيح
كعنوان الاهانة مثلا، ومجرد إضافة المصحف بالكافر - بالاضافة الاعتبارية
المعبر عنها الملكية، من دون استيلاء خارجي عليه وبلا تصرف خارجي له مساس
عيني بالمصحف - لم يعلم أنه إهانة له، وليس تمليك البايع إياه إلا إيجاد
هذه الاضافة الاعتبارية التي لا مساس لها خارجا به، ولذا قلنا سابقا [2] إن
هذا التصرف الاعتباري ليس قبيحا عقلا ولا مصداقا للظلم خارجا، ولا فيه
الملاك الموجب لقبحه عقلا، حتى يكون من هذه الجهة حراما شرعا، مع أن القبح
عقلا والحرمة شرعا أجنبيان عن فساد المعاملة، بل ملازمان لصحتها.
وأما حديث الفحوى والاولوية بالمنع من بيع العبد المسلم من الكافر،
بملاحظة أن إضافة العبد إلى الاسلام بالتدين به إذا أثرت في المنع فالقرآن
أقوى في هذه الاضافة، بل قيل أنه حقيقة الاسلام فتوضيح القول فيه: أن منشأ
المنع في العبد المسلم تارة آية نفي السبيل، واخرى (الاسلام يعلو ولا
يعلىعليه)، والآية أجنبية عما نحن فيه، إذ لا سبيل هنا على مؤمن حتى يؤخذ
بالفحوى، وأما (أن الاسلام يعلو.
الخ) فتطبيق الاسلام على المسلم تارة بارادة المنسوب إلى الاسلام
فالقرآن أقوى في هذه الاضافة، كيف وهو كتاب الاسلام والمتضمن لاحكامه
وحقايقه،