responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حاشية المكاسب المؤلف : الطباطبائي اليزدي، السيد محمد كاظم    الجزء : 1  صفحة : 120

عدم وجود ما يدلّ على قصد البيع حيث إنّ إجراء الصّيغة مع الإكراه لا يكون كاشفا عن القصد فلا يكون من البيع العرفي لأنه يعتبر فيه أن يكون هناك كاشف عن كونه مريدا لنقل الملك و كونه مكرها قرينة على عدم إرادة ظاهر اللفظ ثمّ نقل عن بعض ما يوافق ما ذكرنا و حكم بفساده حيث قال و من هذا ظهر فساد ما قيل من أنّ الإكراه لا ينافي القصد إلى نقل الملك بأن يكون قاصدا للبيع حقيقة و إن كان منافيا للرّضا فتدبّر الثالث قد عُلم ممّا ذكرنا من بيان محلّ الكلام أنّ المكره مريد للفعل في الخارج و إن لم يكن راضيا به إذ المفروض أنه مختار فيه بمعنى ما يقابل الجبر فهو كالمضطرّ من حيث إنه مستقلّ في الفعل إلّا أنه يختاره لدفع الضّرر و المفسدة المترتبة على الترك و لا فرق بين كون ذلك من جهة إيعاد الغير أو لا من هذه الجهة فإن الحامل له على الفعل ليس إلّا عقله الحاكم بوجوب دفع المفسدة أو ارتكاب ما هو أقلّ ضررا و إلّا فبمجرّد أمر الغير و حمله و تعلّق غرضه بالفعل لا يكون حاملا له فدعوى أنه هذا غير مستقلّ في الفعل بخلاف المضطرّ كما ترى أ لا ترى أنه لو أكرهه على شرب الماء أو الخمر له أن يتركه و يتحمّل الضّرر فيحكم عقله بوجوب الشّرب و دفع ذلك الضّرر فكذا إذا حمله على البيع مثلا فإنه يستقلّ فيه لدفع ضرر الترك فظهر من ذلك أنّ المضطر و المكره مشتركان في كون الفعل صادرا عنهما بإرادتهما و اختيارهما من جهة حكم العقل بوجوب دفع الضّرر و إن كانا كارهين فيه نظير من يحكم عقله بوجوب اختيار الكي أو قطع بعض الأعضاء لدفع المرض الأفسد فإرادتهما الفعل غير مناف لكراهتهما بمعنى عدم رضاهما به فالرّضا في مرتبة أخرى وراء الإرادة و إن شئت فقل هما لكارهان في الرتبة الأولى راضيان في الثانية لا بمعنى أنه ينقلب كراهتهما الطّبيعة بالرّضا بملاحظة دفع الضّرر بل بمعنى وجود الحالتين بالفعل لكن إحداهما في طول الأخرى فليس المقام نظير من يكون كارها لبيع داره لكن إذا أعطى مبلغا كثيرا مثلا يرضى به فإنّ هذا من باب الانقلاب و الحاصل أنّ المضطرّ و المكره مشتركان في إرادة الفعل و الاستقلال فيه و عدم الرّضا به في الرتبة الأولى و الرّضا به في الرتبة الثانية فما ذكره المصنف من الأوّل مستقلّ فيه و راض به دون الثاني و أنّ الفرق وجداني كما ترى و إن شئت التوضيح فلاحظ ما إذا أكرهه الغير على بيع داره أوّلا و أوعده الضّرب على تركه أو أكرهه على إعطاء ألف درهم و كان طريق تحصيله منحصرا في بيع الدار فإنّ كون بيع الدار في الصّورتين ممّا لا يكون برضاه على نسق واحد مع أنّ الأوّل من باب الإكراه و الثاني من باب الاضطرار و لذا يحكمون بصحّته في الصّورة الثانية دون الأولى الرّابع أنّ المراد بالرّضا المعتبر في صحّة المعاملات ليس الرّضا بالمعنى الأوّل بمعنى ما يلائم طبعه في الرتبة الأولى كيف و إلّا لزم بطلان المعاملات في صورة انقضاء الضرورة مع كراهة في حدّ نفسه و لا يمكن الالتزام به بل المراد منه الرّضا و لو في الرتبة الثانية الخامس أنه لا إشكال في أنّ الاضطرار و الإكراه مشتركان في رفع الحكم التكليفيّ فشرب الخمر المضطرّ إليه و المكره عليه لا يكون حراما و أمّا بالنّسبة إلى الحكم الوضعي فهما متفاوتان فإنّ الإكراه يرفع الحكم الوضعي أيضا دون الاضطرار حسب ما أشرنا إليه إذا عرفت هذه الأمور علمت أنّ للإكراه موضوعيّة في إيجاب البطلان و أنّ اشتراط الاختيار يكون شرطا مستقلّا و لا يرجع إلى شرطيّة الرّضا و يكون الدّليل على بطلان المعاملة به هو الإجماع و الأخبار الواردة في الطلاق و حديث الرّفع بناء على التّعميم لجميع الآثار و أنّ الاستدلال بقوله تعالى تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ و قوله (صلى اللّه عليه و آله و سلم) لا يحلّ مال امرئ في غير محلّه لما عرفت من أنّ المراد بهذا الرضاء العقلائي الحاصل و لو في الرتبة الثانية و هو موجود في بيع المكره أيضا كما في بيع المضطرّ فمقتضى الاستدلال بهما الحكم ببطلان المعاملة الاضطراريّة أيضا لأنه لا يتمّ إلّا بإرادة الرّضا الأول الحاصل بالطّبع الأول و معه فاللازم بطلان غالب المعاملات حسب ما عرفت فإن قلت إنّ حديث الرّفع متساوي النّسبة إلى الاضطرار و الإكراه فلِمَ لا تحكم ببطلان المعاملة الاضطراريّة أيضا من جهة قوله و ما اضطروا إليه و أيضا بناء على التّعميم فما الفرق بين الحكم التكليفيّ و الوضعي حيث يحكم‌

برفع الأوّل دون الثاني قلت الوجه في الفرق أنّ الحكم الوضعي في الاضطرار لا يمكن أن يكون مرفوعا و ذلك لاستلزامه تأكيد الاضطرار و تشديده حيث إنه إذا حكم ببطلان المعاملة حين الاضطرار يلزم أن يبقى الشّخص في الاضطرار لعدم إمكان رفع الضّرر حينئذ فإنّه لا يمكنه تحصيل ما يدفع به الضّرر الوارد عليه و الحاصل أنّ شرع الحكم لما كان لأجل الامتنان و التّوسيع على العباد فلا بدّ أن يكون المعاملة الاضطراريّة غير مرفوع الأثر و إلّا لزم تضييق أشدّ حيث إنّه محتاج إلى تحصيل المال من جهة الضّرورة و لا يمكنه ذلك على فرض بطلان المعاملة و السرّ في ذلك أنّ المضطرّ إليه المعاملة المؤثرة الصّحيحة لا ذات المعاملة و إن لم تكن كذلك فإنّ من احتاج إلى بيع داره لتحصيل ما يؤدّي به دينه أو نفقته أو نحو ذلك لا يرتفع ضرورته و حاجته إلّا بالمعاملة الصّحيحة و إلّا كان أخذ المال من المشتري مثل السرقة منه نعم لو فرض في مورد وجوب دفع المال على الطرف المقابل إليه بلا عوض و كان آبيا عن ذلك فاضطرّ إلى المعاملة معه و أخذ ذلك المال تكون المعاملة باطلة إذ حينئذ ليس مضطرا إلى المعاملة الصّحيحة هذا بالنّسبة إلى الحكم الوضعي و أمّا بالنّسبة إلى الحكم التكليفيّ فحاله حال الإكراه في أنّ المضطرّ إليه حينئذ ذات الفعل و هذا بخلاف الإكراه فإنّ في رفع حكمه الوضعي لا يستلزم التضييق الأشدّ كما هو واضح نعم لو فرض كون المكره عليه المعاملة الصّحيحة المؤثرة كان حاله حال الاضطرار في عدم الرّفع كأن يكون المكره ممّن يطّلع على السرائر و لا يقنع بالمعاملة إلّا إذا كانت مؤثرة شرعا فإنه حينئذ لا بدّ من صحتها مع الإكراه إذ المفروض حينئذ أنّ الضّرر المتوعّد عليه لا يرتفع إلّا بكونها صحيحة و لعلّ من هذا الباب الإكراه بالحقّ فإنّ الحاكم الشرعي أو من يقوم مقامه إنّما يكرهه على المعاملة المؤثرة الواقعيّة فلو أوجد المعاملة و لم تكن صحيحة لم يأت بما أكرهه عليه و السّر فيه أنّ المكره في الحقيقة هو اللّٰه تعالى و الحاكم نائب عنه تعالى في ذلك فلا يعقل أن يكون مرفوع الأثر لما عرفت فتدبّر فتبيّن من جميع ما ذكرنا أنّ مقتضى القاعدة مع قطع النظر عن أدلة الإكراه صحة المعاملة الإكراهية كالاضطراريّة و أنّ الوجه في بطلانها إنّما هو هذه الأدلّة و أنّ للإكراه خصوصية و عنوانية حسب ما يظهر من عناوين الفقهاء حيث إنه لو كان الوجه فقدان شرط الرّضا كان الأنسب العنوان به بأن يقال و من المشروط الرّضا فيكون المعاملة الإكراهيّة و نحوها باطلة و لم يناسب العنوان بالاختيار و تبيّن

اسم الکتاب : حاشية المكاسب المؤلف : الطباطبائي اليزدي، السيد محمد كاظم    الجزء : 1  صفحة : 120
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست