اسم الکتاب : تسديد الأصول المؤلف : المؤمن القمي، محمد الجزء : 2 صفحة : 259
و أمّا خبر الجهر و الإخفات فهو و إن تضمّن قوله (عليه السّلام): «و قد تمّت صلاته» إلّا أنّ المراد به بقرينة صدره مجرّد عدم انتقاض الصلاة و عدم احتياجها الى الإعادة، و إليك لفظ تمام الحديث الصحيح عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السّلام) في رجل جهر في ما لا ينبغي الإجهار فيه، و أخفى في ما لا ينبغي الإخفاء فيه، فقال: «أيّ ذلك فعل متعمّدا فقد نقض صلاته، و عليه الإعادة، فإن فعل ذلك ناسيا أو ساهيا أو لا يدري فلا شيء عليه و قد تمّت صلاته» [1] فإنّ نفس التعبير في قوله: «لا يدري» ظاهر في أنّ هنا حكما واقعا، أعني وجوب الجهر أو الإخفات، و المكلّف لا يدري، و عنه التعبير في الصدر بما لا ينبغي الإجهار فيه، و ما لا ينبغي الإخفاء فيه، فاذا كان المفروض ثبوت هذا الحكم في الواقع فلا محالة لا يراد من قوله: «تمّت صلاته» إلّا ما يقابل قوله: «نقض صلاته»، يعني أن صلاته ليست منقوضة محتاجة إلى الإعادة.
ثمّ إنّ أساس الوجهين الأوّلين من الإيرادات الثلاثة مبنيّ على أن يكون الحكم الواقعي هنا منجّزا يستحقّ العقاب على مخالفته، و ليس في شيء من أخبار الباب إشارة اليه، كما هو واضح للناظر فيها. نعم، بعد ما عرفت من أنّ الحقّ عدم المنافاة بين تنجّز التكليف بالواقع، و بين إسقاط الواجب بالمأتيّ به، فاللازم في استحقاق عقاب الجاهل التارك للفحص في مسألتنا هو المشي على طبق القواعد، و قد مرّ أنّ مقتضى القاعدة: أنّ الجاهل للحكم التارك للفحص العامل بما يطابق البراءة يستحقّ العقاب على مخالفة تكليف واقعيّ يظفر بالفحص عليه، كما في مسألة القصر و التمام و الإجهار و الإخفات. و اللّه العالم.
تنبيه:
إنّ الأدلّة اللفظيّة من الكتاب و السنّة على وجوب التعلّم و لزوم الفحص كما
[1] الوسائل: ج 4 الباب 26 من أبواب القراءة و الصلاة الحديث 1.
اسم الکتاب : تسديد الأصول المؤلف : المؤمن القمي، محمد الجزء : 2 صفحة : 259