اسم الکتاب : تسديد الأصول المؤلف : المؤمن القمي، محمد الجزء : 1 صفحة : 110
بالعمل.
و كيف كان فحقيقتها ذاك العزم المؤكّد، خلافا لما اشتهر من أنّها الجزء الأخير من العلّة التامة للفعل، بل الجزء الأخير هو الأمر النفساني، و هو إنّما يتحقق إن أمكن، بأن حضر وقت الإتيان، و إلّا فهو مريد و عازم على إتيانه لوقته، فاذا بقي على إرادته الى حضور وقته فيأمر عضلاته بالحركة نحوه حينه، فمفهوم لفظ «الإرادة» هو ذاك العزم، و هو قد يتعلق بفعل نفسه، و قد يتعلق بفعل الغير، و الظاهر أنّ استعمال مادّة الإرادة في تفهيم الأمر إنّما يكون في قالب الإخبار لا الإنشاء إلّا بادّعاء و تجوّز، و الأمر سهل.
و أمّا البعث فمعناه الحقيقي، هو ارسال شخص نحو عمل أو الى مكان، و لا ريب في إطلاقه على إرساله اليه بأمره به أيضا، فهو كالطلب يكون الأمر مصداقا له، و يصحّ ايجاد مصداق من البعث بمجرّد استعماله في مفهومه في مقام الإنشاء بقول المولى: «أبعثك نحو الصلاة» مثلا، كما لا يخفى.
و أمّا الوجوب: فهو إمّا بمعنى اللزوم و عدم الانفكاك، فيقال لكلّ ما لا ينفك عن الشيء: إنّه واجب له، و بهذا المعنى يقال على الأعمال المكلّف بها كأنّها لازمة للمكلّف لا تنفك عنه. فهو معنى ادّعائيّ مجازيّ. و إمّا بمعنى الثبوت يقال على تلك الأعمال، لثبوتها على عهدته، و على أيّ الوجهين فهو أيضا مفهوم يتحقّق مصداقه باستعماله في مفهومه في مقام الإنشاء.
فقد تلخّص افتراق هذه المفاهيم الشائعة الاستعمال، و أن لفظ «الأمر» منها موضوع لمعنى اعتباريّ متقوّم بجعل من بيده الجعل، و موجود في عالم الاعتبار، و هذا بخلاف سائر الألفاظ، فمعناها الحقيقيّ من قبيل الامور الخارجية بالمعنى العامّ الشامل للانتزاعيات، و لكلّ منها فرد ادّعائي مجازي.
كما تبيّن اختلاف مفهوم الطلب و الإرادة، فالطلب عمل خارجي، و الإرادة عزم نفساني، و الأول قابل لإيجاد مصداق له باستعماله في مقام الإنشاء، بخلاف الثاني. و مع ذلك كلّه فالخطب سهل بعد عدم ترتّب أثر عمليّ عليه، و اللّه المستعان و هو وليّ التوفيق.
اسم الکتاب : تسديد الأصول المؤلف : المؤمن القمي، محمد الجزء : 1 صفحة : 110