اسم الکتاب : المحكم في أصول الفقه - ط مؤسسة المنار المؤلف : الحكيم، السيد محمد سعيد الجزء : 6 صفحة : 64
ومن ثم ذكر بعض المحشين - في ما حكي عنه - أنه قدس سره ضرب في الدورة الأخيرة على العبارة الدالة على إرادة القسم الأول . ولعل منشأ ما ذكره قدس سره من كون الحاكم مفسرا للمحكوم بمدلوله اللفظي ومسوقا لذلك هو اختلاط ورود أحد الدليلين لتفسير الاخر بما إذا استفيد شرحه منه تبعا ، والخلط بين نظره إليه ونظره لمدلوله ، كما اختلط ذلك على غيره ، حيث يظهر منهم المفروغية عن لزوم نظر الحاكم للمحكوم ، مع عدم النظر في الموارد المذكورة ونحوها من موارد التنزيل - التي هي من أظهر موارد الحكومة عندهم - إلا لحكم أحد الدليلين ، دون الدليل نفسه . هذا ، وحيث لا مشاحة في الاصطلاح فالمناسب تعميم الحكومة للقسمين معا ، لاشتراكهما في لزوم العمل بالحاكم ، ولأنه أنسب بالجمع بين تحديد الحكومة وأمثلتها في كلام شيخنا الأعظم قدس سره الذي هو الأصل في الاصطلاح . وعليه فالمعيار في الحكومة على كون أحد الدليلين ناظرا للدليل الاخر بنفسه أو بمدلوله ، ومسوقا لبيان حال أحدهما . ولتخص الأولى باسم الحكومة البيانية ، لسوق الحاكم فيها لبيان حال نفس الدليل المحكوم ، والثانية باسم الحكومة العرفية ، لان منشأ التحكيم فيها هو العرف ، على ما يأتي توضيحه إن شاء الله تعالى . وليس هذا بمهم بعد أن كان راجعا لمحض الاصطلاح . وانما المهم ما رتب عليه من الأثر العملي ، وهو لزوم تقديم الدليل الحاكم على المحكوم من دون نظر للمرجحات ، حيث ذكر ذلك شيخنا الأعظم قدس سره وتسالم عليه من بعده . ولا ينبغي التأمل في ذلك في الحكومة البيانية ، لعدم التنافي بين الحاكم والمحكوم في المضمون أصلا ، لغرض عدم تكفل المحكوم ببيان الجهة التي يبتني عليها استفادة الحكم منه ، والتي فرض تعرض الحاكم لها ، بل المتكفل بها
اسم الکتاب : المحكم في أصول الفقه - ط مؤسسة المنار المؤلف : الحكيم، السيد محمد سعيد الجزء : 6 صفحة : 64