اسم الکتاب : المحكم في أصول الفقه - ط مؤسسة المنار المؤلف : الحكيم، السيد محمد سعيد الجزء : 1 صفحة : 260
حقيقة الاحكام الاقتضائية - في مقدمة علم الأصول - من أن الإرادة والكراهة التشريعيتين اللذين هما منشأ انتزاع التكليف مباينتان سنخا للإرادة والكراهة النفسيتين الحقيقيتين . فليس الأمر والنهي إلا عبارة عن الخطاب بالحث نحو الشئ أو الزجر عنه من دون أن يستلزما إرادته أو كراهته فضلا عن أن يتحدا معهما مفهوما أو خارجا ، كما يظهر من بعضهم . نعم الظاهر عدم الاكتفاء فيهما بمطلق الحث والزجر ، بل يختصان بما يبتني منهما على فرض المخاطب نفسه بمرتبة من ينبغي متابعته وتنفيذ خطابه ، إما لسطان غالب ، أو لقوة قاهرة ، أو لحق لازم عرفا أو شرعا . لكن لا بمعنى لزوم بلوغه لذلك حقيقة ، بل يكفي تخيله ذلك أو ادعاؤه له ، لان المعيار على ابتناء الخطاب عليه . ولذا لا يكفي وجوده الواقعي من دون أن يبتني عليه الخطاب . فلو وجب شرعا إطاعة الأب فطب الراجي غافلا عن ذلك لم يصدق على طلبه الامر ، كما لا يصدق على زجره النهي ، وإن وجبت إطاعته . كما أنه لو طلب طلب السلطان القاهر صدق الأمر والنهي وإن لم تجب إطاعته شرعا ولم يخش سلطانه . ومرجعه إلى اعتبار الاستعلاء دون العلو ، خلافا لما ذكره غير واحد من العكس . بل يجري ذلك حتى في الأوامر والنواهي الارشادية إذا ابتنت على ادعاء المرشد بلوغة أهلية الارشاد لمعرفته بمرتبة تلزم بمتابعته . أما لو ابتنت على محض معرفته بالواقع المرشد إليه ولو صدفة من دون
اسم الکتاب : المحكم في أصول الفقه - ط مؤسسة المنار المؤلف : الحكيم، السيد محمد سعيد الجزء : 1 صفحة : 260