لا شك في ان قاعدة الجب لا تشمل جميع ذلك فلا ترتفع عقوده السابقة و كذا و لا
ترتفع ديونه بالإسلام، و لا مهر زوجته و لا غير ذلك من أشباهه بل يجب عليه الوفاء
بجميعها.
و كأنه توهم بعضهم منه العموم لجميع هذه الأصناف فتوهم ورود تخصيصات كثيرة على
القاعدة أو انه من قبيل تخصيص الأكثر، فزعم و هن عموم الحديث و عموم القاعدة كما
توهم مثل ذلك في قاعدتي «لا ضرر» و «القرعة» فاعتقدوا شمول لا ضرر للخمس و الزكاة
و جميع الواجبات المالية، و الحج، و النذر و الديات و الضمانات و قالوا ان الأخذ
بعمومها مشكل لورود تخصيص الأكثر عليه بهذه الأمور الضررية و أشباهها.
و كذلك بالنسبة إلى «القرعة» فزعموا شمولها لجميع ما يشك فيه مما يكون مجرى
للأصول الأربعة أو الأمارات أيضا.
و قد ذكرنا في محله ان هذه كلها توهمات و تصورات غير صحيحة ناشئة عن عدم الوصول
الى مغزى القاعدتين، و من هنا ظهر الاشكال، و اما لو وضعناهما مواضعهما، لا يرد
عليهما تخصيص أبدا، أو يكون التخصيص قليلا جدا، فراجع قاعدتي القرعة و لا ضرر في
هذا الكتاب.
و اما بالنسبة إلى حديث «الجب» فالدقة في فحواه و محتواه تدل على عدم ورود
تخصيص عليه أيضا و لو ورد عليه تخصيص لم يكن الا قليلا.
فنقول: الظاهر اللائح من الحديث لا سيما بحكم كونه في مقام الامتنان على جميع
من يدخل في الإسلام، و كونه في مقام إعطاء الأمن لمن يخاف لأجل اعماله السابقة بعد
دخوله في الإسلام، ان الاعمال و التروك التي ارتكبها حال كفره لو كان له في
الإسلام مجازاة أو كفارة أو عذاب إلهي أو شبه ذلك فبعد ما أسلم يرتقع عنه جميع
ذلك، و الإسلام يجب عما قبله من هذه الأمور.
و هذا حكم الهي سياسي حضاري يوجب شوقا للنفوس الى قبول الإسلام، و عدم