المقتضي و لم يرتفع المانع، فإن له حينئذ أهلية للوجود أشد من الأول بحيث لو ارتفع المانع لحصل، فكما أنه لو كان بيد شخص نار فحرك يده و لم يلقها إلى البساط لا يقال: أحرقه، و كذا لو ألقاها و لم تقع عليه، و كذا لو وقعت عليه و لكنه مبلول بالغيث بحيث يمنع من تأثير النار لا يقال: هذا إحراق، و لا أنه أحرقه فتوهم إطلاق هذه الألفاظ على إراداتها أو على مقتضياتها بالكسر فاسد جدا و اشتباه مطلقا.
و رابعها: أنه قد يوجد لفظ وضع لمعنى الاستعداد و القابلية
كهذين [1] اللفظين، أو لقابلية مخصوصة كأسماء الملكات الخاصة من الصناعات و نحوها، و مثله كون العبد مدبرا أي: مستعدا للعتق بعد الوفاة، و وجود هذه الملكات إنما هو بنحو وجودها الخاص، و هو الأهلية، و إيجادها إنما هو إيجاد الأهلية، و لا تطلق ألفاظها أيضا إلا على معناها [2] بعد وجودها، و إن كان ملكة، فإن الصياغة لا تطلق إلا على القوة الراسخة الحاصلة، لا على الواسطة بين حصولها و عدمها، كوجود المقتضي مع المانع. و لفظ (الأهلية) يطلق عل الأهلية الحاصلة، لا على أهلية الأهلية.
و خامسها: أن إيجاد الأفعال إن كان متعديا يكون بنفسه
، فإن إيجاد الضرب هو الضرب لاعتبار معنى الإيجاد في مفهومها، فإن القتل إيجاد شيء يزهق الروح، و الذبح، إيجاد شيء يوجب فري الأوداج، و مجموع الإيجاد و الموجد هو القتل و الذبح. و إن كانت لازمة يكون بأمر وراء مفاهيمها، فإن القيام ليس إلا الهيئة المخصوصة، و ليس في معناه الإيجاد، و إيجادها حركة توجب حصولها في الخارج تحقق القيام، و قس عليه في نظائره.
و سادسها: أن الإنشاء قد ذكر أنه الإيجاد
، فلو تعلق بالأفعال اللازمة فقلت: (أنشأت القيام) معناه: تحرك حركة تترتب عليها هذه الهيئة، و لو لم تترتب هذه الهيئة على تلك الحركة لا يسمى إنشاء قيام، لأن الإنشاء المعين أيضا من المتعديات التي لا يتحقق مفهومها إلا بحصول أثرها المقصود، كما مر في الإحراق. و لو تعلق بالأفعال المتعدية فإنشاؤها نفس حصولها في الخارج، فإنشاء