responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : خطرة الطيف المؤلف : لسان الدين بن الخطيب    الجزء : 1  صفحة : 68

سياسة يؤمن معها اختلافه ، واتخاذ مدينة يقرّ بها قراره ، ويتوجّه إليها ركونه وفراره ، إذا رابه أضراره ، ويختزن بها أقواته التي بها حياته ، ويحاول منها معاشه الذي به انتعاشه. فإن كان اتخاذها جزافا واتفاقا ، واجتزاء ببعض المآرب وارتفاقا ، تجاول شرّها وخيرها ، وتعارض نفعها وضيرها ، وفضلها في الغالب غيرها ، وإن كان عن اختيار ، وتحكيم معيار ، وتأسيس حكيم ، وتفويض للعقل وتحكيم ، تنافر إلى حكمها النفر ، وأعمل السفر ، وكانت مساوئها بالنسبة إلى محاسنها تغتفر ، إذ وجود الكمال فاضح للآمال ، ولله درّ القائل :

ومن ذا الذي ترضى سجاياه كلّها

كفى المرء فضلا أن تعدّ معايبه

وبحسب ذلك حدّث من يعنى بالأخبار ينقلها ، والحكم يصقلها ، والأسمار ينتقيها ، والآثار يخلدها ويبقيها ، والمجالس يأخذ صدورها ، والآفاق يشيم شموسها وبدورها ، والحلل يعرف دورها ويأكل قدورها ، والطرف يهديها ، والخفيّات يبديها ، وقد جرى ذكر البلدان ، وذكر القاصي والدان ، ومزايا الأماكن ، وخصائص المنازل والمساكن ، والمقابح والمحاسن ، والطّيب والآسن.

قال : ضمّني الليل وقد سدل المسح راهبه ، وانتهت قرصة الشمس من يد الأمس ناهبه ، ودلفت جيوشه الحبشيّة وكتائبه ، وفتحت الأزهار بشطّ المجرّة كواكبه ، وجنحت الطيور إلى وكونها ، وانتشرت الطوّافات بعد سكونها ، وعوت الذئاب فوق هضابها ، ولوحت البروق ببيض عضابها وباهت الكفّ الخضيب بخضابها ، وتسللت اللصوص لانتهاز فرصها ، وخرجت الليوث إلى قسمها وحصصها ، في مناخ رحب المنطلق ، وثيق الغلق ، سامي السور كفيل بحفظ الميسور ، يأمن به الذعر خائفه ، وتدفع معرّة السماء سقائفه. يشتمل على مأوى الطريد ، ومحراب المريد ، ومرابط خيل البريد ، ومكاسع الشيطان المريد ، ذي قيّم كثير البشاشة ، لطيف الحشاشة ، قانع بالمشاشة [٣٣٩] ، يروّج ويشي ، ويقف على ريب الأعيان وأعيان


[٣٣٩] المشاشة : رأس العظم اللين ، يريد أن يقول إن صاحب هذا الخان رجل غير طمّاع يقنع بالقليل.

اسم الکتاب : خطرة الطيف المؤلف : لسان الدين بن الخطيب    الجزء : 1  صفحة : 68
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست