وأخرج ابن أبي حاتم ، عن ابن عباس في قوله تعالى : (وَقالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ) [غافر : ٥١]. قال : لم يكن من أهل فرعون مؤمن غيره وغير امرأة فرعون وهو المؤمن الذي أنذر موسى الذي قال : (إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ) [القصص : ٢٠].
ذكر السحرة الذين آمنوا بموسى [١] عليه الصلاة والسلام
قال الكنديّ : أجمعت الرواة على أنّه لا يعلم جماعة أسلموا في ساعة واحدة أكثر من جماعة القبط ، وهم السّحرة الذين آمنوا بموسى.
وأخرج ابن عبد الحكم ، عن يزيد بن أبي حبيب ، أنّ تبيعا كان يقول : ما آمن جماعة قطّ في ساعة واحدة مثل جماعة القبط.
وأخرج ابن عبد الحكم ، عن عبد الله بن هبيرة السبئيّ وبكر بن عمرو الخولانيّ ويزيد بن أبي حبيب ، قال : كان السّحرة اثني عشر [٢] ساحرا رؤساء ، تحت يد كلّ ساحر منهم عشرون عرّيفا ، تحت يد كلّ عريف منهم ألف من السّحرة ؛ فكان جميع السحرة مائتي ألف وأربعين ألفا ومائتين واثنين وخمسين إنسانا ، بالرؤساء والعرفاء ، فلمّا عاينوا ما عاينوا ، أيقنوا أنّ ذلك من السماء ، وأنّ السّحر لا يقاوم لأمر الله ، فخرّ الرؤساء الاثنا عشر عند ذلك سجّدا فأتبعهم العرفاء. وأتبع العرفاء من بقي ، وقالوا : (آمَنَّا بِرَبِّ الْعالَمِينَ* رَبِّ مُوسى وَهارُونَ) [الأعراف : ٢٢٢].
وأخرج عن يزيد بن أبي حبيب أنّ تبيعا قال : كان السّحرة من أصحاب موسى عليه الصلاة والسلام ، ولم يفتتن منهم أحد مع من افتتن من بني إسرائيل في عبادة [٣] العجل.
وقال ابن عبد الحكم : حدّثنا هانىء بن المتوكّل ، عن ابن لهيعة ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن تبيع ، قال : استأذن جماعة من الذين كانوا آمنوا من سحرة موسى في الرجوع إلى أهلهم ومالهم بمصر ، فأذن لهم ، ودعا لهم ، فترهّبوا في رؤوس الجبال ، فكانوا أوّل من ترهّب. وكان يقال لهم الشيعة ، وبقيت طائفة منهم مع موسى حتّى توفّاه الله ، ثمّ انقطعت الرهبانيّة بعدهم ؛ حتّى ابتدعها بعدهم أصحاب المسيح عليه الصلاة والسلام.
[١] في مرآة الزمان ١ / ٣٩٠ : نسبه هو موسى بن عمران بن قاهث بن لاوي بن يعقوب ، وقيل موسى بن عمران بن يصهير ... ، واسم أمّه يوخابذ.
[٢] في مرآة الزمان ١ / ٤٠٧ : قال مجاهد : إنما آمن رؤساؤهم السبعة ، وقال قوم : إنّما آمن الكلّ.