وبعده ابن عمّه فرعان. وفي أيامه جاء الطوفان ، فخرّب ديار مصر كلّها ، وزالت معالمها وعجائبها ، وأقام الماء ستّة أشهر حتّى نضب.
وذكر بعض من ألّف في أخبار مصر أنّ سفينة نوح طافت بمصر وأرضها فبارك نوح 7 فيها.
ذكر من ملك مصر بعد الطوفان
قال ابن عبد الحكم : أنبأنا عثمان بن صالح ، أخبرنا ابن لهيعة ، عن عيّاش بن عباس العتبانيّ ، عن حنش [١] بن عبد الله الصّنعانيّ ، عن عبد الله بن عبّاس رضياللهعنهما ، قال : كان لنوح عليه الصّلاة والسّلام أربعة من الولد : سام ، وحام ، ويافث ، ويحطون. وإنّ نوحا رغب لله ، وسأله أن يرزقه الإجابة في ولده وذريّته حتّى يتكاملوا بالنّماء والبركة ، فوعده ذلك ، فنادى نوح ولده وهم نيام عند السّحر فنادى ساما ، فأجابه يسعى ، وصاح سام في ولده فلم يجبه أحد منهم إلّا ابنه أرفخشذ ، فانطلق به معه حتّى أتياه ، فوضع نوح يمينه على سام ، وشماله على أرفخشذ ، وسأل الله أن يبارك في سام أفضل البركة ، وأن يجعل الملك والنبوّة في ولد أرفخشذ.
ثم نادى حاما فتلفّت يمينا وشمالا ولم يجبه ، ولم يقم إليه هو ولا أحد من أولاده ، فدعا الله نوح أن يجعل ولده أذلّاء ، وأن يجعلهم عبيدا لولد سام. قال : وكان مصر بن بيصر بن حام نائما إلى جنب جدّه حام ، فلمّا سمع دعاء نوح على جدّه وولده ، قام يسعى إلى نوح فقال : يا جدّي ، قد أجبتك إذ لم يجبك أبي ، ولا أحد من ولده ، فاجعل لي دعوة من دعوتك. ففرح نوح ، فوضع يده على رأسه ، وقال : اللهمّ إنّه قد أجاب دعوتي : فبارك فيه وفي ذرّيته وأسكنه الأرض المباركة التي هي أمّ البلاد وغوث العباد التي نهرها أفضل أنهار الدّنيا ، واجعل فيها أفضل البركات ، وسخّر له ولولده الأرض ، وذلّلها لهم ، وقوّهم عليها.
[١] حنش بن عبد الله الصنعاني من صنعاء الشام ، سمع فضالة بن عبيد ، روى عنه خالد بن معدان والحلّاج أبو كبير وعامر بن يحيى المعافري. قدم مصر وغزا المغرب والأندلس ، قيل مات بمصر ، وقيل : مات بسرقسطة. [صنعاء من معجم البلدان].