وقال الكنديّ : ذكر أسد بن موسى ، قال : شهدت جنازة مع ابن لهيعة [١] ، فجلسنا حوله ، فرفع رأسه ، فنظر إلى الجبل ، فقال : إنّ عيسى عليه الصلاة والسلام مرّ بسفح هذا الجبل ، وأمّه إلى جانبه ، فقال : يا أمّاه ؛ هذه مقبرة أمّة محمد 6.
قال الكنديّ : وسأل عمرو بن العاص المقوقس : ما بال جبلكم هذا أقرع ، ليس عليه نبات كجبال الشام؟ فقال المقوقس : وجدّنا في الكتب أنّه كان أكثر الجبال شجرا ونباتا وفاكهة ، وكان ينزله المقطم بن مصر بن بيصر بن حام بن نوح ؛ فلمّا كانت الليلة التي كلّم الله فيها موسى ، أوحى الله تعالى إلى الجبال : إنّي مكلّم نبيّا من أنبيائي على جبل منكم ، فسمت الجبال وتشامخت إلّا جبل بيت المقدس ، فإنّه هبط وتصاغر ، قال : فأوحى الله إليه : لم فعلت ذلك؟ فقال : إجلالا لك يا ربّ ، قال : فأمر الله الجبال أن يعطوه ؛ كلّ جبل منها ممّا عليه من النبت ، وجاد له المقطّم بكلّ ما عليه من النّبت ، حتّى بقي كما ترى ، فأوحى الله إليه : إنّي معوّضك على فعلك بشجر الجنّة أو غراسها. فكتب بذلك عمرو بن العاص إلى عمر رضياللهعنهما ، فكتب إليه : إنّي لا أعلم شجر الجنة أو غراسها لغير المسلمين ، فاجعله لهم مقبرة. ففعل ذلك عمرو ، فغضب المقوقس ، وقال لعمرو : ما على هذا صالحتني! فقطع له عمرو قطيعا من نحو الحبش يدفن فيه النصارى.
قال الكنديّ : وروى ابن لهيعة عن عيّاش بن عبّاس [٢] ، أنّ كعب [٣] الأحبار سأل رجلا يريد السّفر إلى مصر ، فقال له : أهد لي تربة من سفح مقطّمها ؛ فأتاه منه بجراب. فلما حضرت كعبا الوفاة أمر به ففرش في لحده تحت جنبه.
[١] في موسوعة رجال الكتب التسعة ٢ / ٣٣٥ : هو أبو عبد الرحمن عبد الله بن لهيعة بن عقبة بن فرحان بن ربيعة بن ثوبان. يلقب بالحضرمي الأعدولي ، الغافقي ، المصري ، الفقيه. وفاته ١٧٤ ه ، من الطبقة السابعة.
[٢] في موسوعة رجال الكتب التسعة ٣ / ٢٠٦ : هو أبو عبد الرحيم أو عبد الرحمن عياش بن عباس الملقّب بالقتباني الحميري المصري. توفي سنة ١٣٣ ه. من الطبقة السادسة. أخرج له مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة.
[٣] هو أبو إسحاق كعب بن ماتع الملقب بكعب الأحبار والحميري. الوفاة : ٣٤ ه وقيل ٣٢ ه.
الطبقة مخضرم من الثانية. أخرج له الستة. [موسوعة رجال الكتب التسعة : ٣ / ٣٠٣].