ففي اليوم الثاني عشر من شهر جون (حزيران) حسن بأعين الدولة البريطانية أن تستدعي سعادة السلطان إلى الفرجة على قصر البلور ، فأصدرت الأوامر اللازمة إلى المأمورين بأن يزينوا القصر بنفس الزينة التي أجروها يوم زار القصر السلطان عبد العزيز [١] وخديو مصر وشاه العجم. فنصبوا رايات جميع الأمم داخل القصر وخارجه.
وكان علم السلطان برغش يخفق في أعلى قبة القصر ، وعلى رأس الأرغن الكبير [٢] ، وكانت طغرة زنجبار منقوشة في وسط العلم وفي قلبها كتابة بالقلم العربي" يا فتاح".
وكان ذلك النهار نهارا صاحيا من نوادر أيام لندن ، والشمس ساطعة بعز أشعتها. فركب السلطان المركبة ورجال الدولة البريطانية في خدمته وحشمه الزنجباريون في معيته ، وساروا إلى القصر.
وكانت جرائد لندن قد سبقت ، وأذاعت زيارة السلطان لقصر البلور ، فدرى الناس بذلك ، وبادروا من كل فج عميق بأمل مشاهدة أمير عربي قد شرّف بلادهم ، فاجتمع إلى القصر نحو مائة ألف نفس ونيف من الرجال والنساء والصّبيان.
ولما وصل السيد برغش إلى القصر استقبله الشعب المتجمّع بغاية الترحيب [٣] والسرور ، وكشفوا قلانسهم عن رؤوسهم ، وحيّوه بأشرف سلام. وكانت الموسيقة العسكريّة تصدح
[١] هو عبد العزيز أوغلو محمود (١٨٣٠ ـ ١٨٧٦) سلطان عثماني (١٨٦١ ـ ١٨٧٦) واصل الإصلاح إلى سنة ١٨٧١ ثم تحول إلى الاستبداد ، كان معجبا بالتقدّم الأوروبي ، زار أوروبا مرارا. فصل : ٢١ / ١ : Abdelaziz : N.E.B