قال سحنون : أجمع العلماء على جواز القتال في الشهر الحرام وقال إنّ الكفّ عنه كان أوّل الإسلام حتى قتل ابن الحضرميّ [١] فأنزل الله تعالى (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ ، قُلْ : قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ. وَإِخْراجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ)[٢].
قال مالك : خرج النبيّ ـ 6 ـ عام الحديبية في الشهر الحرام ، ولم أسمع أنّ أحدا قال : لا يقاتل في الشهر الحرام [٣].
فإذا [٤] وصل عسكر المسلمين إلى بلاد العدوّ فالمشركون صنفان : صنف بلغته الدعوة بالإسلام فامتنعوا وقاتلوا فيجوز قتالهم وقتلهم غرّة وبياتا ومصافّة وعلى كلّ حال ، وصنف لم تبلغهم الدعوة ، وقلّما يوجدون اليوم ، إلّا أن يكونوا وراء من يقاتلنا في أقاصي بلاد الروم وما يبعد عن المسلمين ، فهؤلاء لا يقاتلون حتّى يدعوا إلى الإسلام وتقام الحجّة عليهم ،
[١] ابن الحضرمي : المقصود به : مالك بن عباد وكان تاجرا فلما توسط أرض خزاعة عدوا عليه قتلوه وأخذوا ماله فثارت الثارات بين بكر وخزاعة إلى أن حجز بينهم الإسلام. انظر تفصيل ذلك في السيرة النبوية ٢ : ٨٤٢ ذكر الأسباب الموجبة المسير إلى مكة وذكر فتح مكة في شهر رمضان سنة ثمان.