ولم تزل الفتن تتراكم بين أهل عمان وتزيد بينهم الإحن ، وصار أمر الإمامة معهم لعبا ولهوا وبغيا وهوى ، لم يقتفوا كتاب الله ولا آثار السلف الصالح من آبائهم وأجدادهم ، حتى إنهم عقدوا في عام واحد ست عشرة بيعة ولم يفوا بواحدة منها ، حتى بلغ الكتاب أجله فخرج محمد بن أبي القاسم وبشير بن المنذر من بني سامة بن لؤي بن غالب وقصدا إلى البحرين وكان بها يومئذ محمد بن نور [٢] عاملا للمعتضد فلما قدما عليه شكيا إليه ما أصابهما من الفرقة الحميرية وسألاه الخروج معهما إلى عمان وأطمعاه في أشياء كثيرة فأجابهما إلى ذلك وأشار عليهما أن يذهبا إلى الخليفة ببغداد ويذكرا له أمرهما وأنهما قدما يريدان نصرته فسار محمد بن أبي القاسم إلى بغداد وقعد بشير مع محمد نور.
فلما قدم محمد إلى الخليفة ذكر له الأمر واستخرج منه لمحمد بن نور عهدا على عمان ورجع إلى البحرين فلما قدم على محمد بن نور أخذ محمد بن نور في جمع العساكر من سائر القبائل وخاصة نزار وجعل معه ناسا من الشام من طي ، وخرج يريد عمان في خمسة وعشرين ألفا ومعه من الفرسان ثلاثة الاف وخمسمائة فارس عليهم الدروع والجواشن وعندهم الأمتعة.