فلما أن عزمنا على الرحيل منها في اليوم المذكور ، لم يتخلّف أحد من الأصحاب عن الحضور ، ثم أخذوا في أصناف الوداع وهم بين مثن وداع وباك ومتأسف على عدم ملازمة الاجتماع ، وأنا أودعهم والجوانح ملتهبة ، والدموع منسربة ، والشوق بالقلوب [٣٢ أ] لاعب ، وغراب البين بفرقة الإخوان ناعب ، ثم أخذت في أسباب الترحال وأنشدت بلسان الحال والقال : [من الخفيف]
ثم لما قدموا الجواد ، قرأ في قفاي ابن الشيخ حسين (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ)[٣] ، ثم أنشد البيتين المجربّين [٤] في عود من قيلا في قفاه إلى محل وطنه سالما واجتماعه بقائلهما بعون الله كما نصّ عليه في الإحياء حجّة الإسلام الغزالي [٥] أمدنا الله تعالى بمدده المترادف المتوالي ، وهما : [من مخلّع البسيط]
يا من يريد الرحيل عنّا
أسعدك الله في ارتحالك
[١] البيتان في معجم البلدان ٢ : ٢٨٩ ضمن قصيدة طويلة أوردها ياقوت كاملة.