السلام وعدلا عن الطريق بعد أن ردا عليّ السلام ، فتبعتهما فذهبا وأسرعا في المشي وهربا ، ثم وقفا يتوامران ويتشازران [١] ويتشاوران ، فسقت وراءهما فسقط أحدهما في بعض تلك الوهاد سقطة عظيمة هلك منها أو كاد ، وحار الآخر وخاص ، ثم ولى مدبرا وله خصاص ، ولم نزل نسير مستعدين ونسري مجدين في تلك الفدافد والفيافي ونحن كما قال الرّصافي [٢] : [من البسيط]
فما طلع من الغد وجه النهار ، ولا بدا فيه حاجب الأسفار ، إلّا وقد أشرفنا على مدينة حماة ، جعلها الله تعالى في حفظه وحماه ، تتلع إلينا [١٧ أ] أجياد قصورها وغرفاتها ، وتبسم عن ثغور أسوارها ، وفلج شرفاتها كالعذارى شدت مناطقها ، وتوّجت بالإكليل مفارقها ، فحمدنا عند الصباح السرى ، ونفّرنا عن وكر العيون طير الكرى ، ثم دخلنا المدينة حين أشرق وجه الشمس مسفرا ضاحكا مستبشرا من [٤] يوم الأحد رابع عشر في شهر رمضان ، ونزلنا خارجها على نحو نصف ميل [٥] ببستان ، ذي زهور وفينان [٦] ، وأغصان تتمايل تمايل النشوان ، ومذانب [٧] تسل
[١] الشزر : الشدة والصعوبة في الأمر ، وتشزر الرجل ، تهيأ للقتال. (لسان العرب ٤ : ٤٠٥).