قلنا لأصحابنا (ارْكَبُوا فِيها بِسْمِ اللهِ مَجْراها وَمُرْساها)[١] ، ثم أرخي شراعها ، ورفعت مرساها ، وسارت بنا في ذلك [٦٠ أ] البحر العباب ، تحسبها جامدة وهي تمر مرّ السحاب ، وتمثّلت بما قال بعض أهل الآداب [٢] : [من الوافر]
ولم نزل نسير ونحن جلوس ، وهي تتبختر بنا تبختر العروس ، وتجول بنا خلال ذلك البحر وتجوس ، تارة بإبطاء وطورا بإسراع ، وحينا بمجاديف وآونة بأشراع ، وذلك البحر قد راق نعتا ، ورق وصفا ، والأمواج به تعطف صفا وتنقصف قصفا ، وتأتي خاضعة إلى البرّ فتقبّل منه كفا ، وتتيه آونة فتنعطف عنه عطفا ، وتثنى عن الإمام به عطفا ، وتستحي تارة فتبدي له تملقا ولطفا ، إلى أن أرسينا بمرسى قسطنطينيّة العظمى ، ذات المحل الأسمى والحمى الأحمى ، فتلقّانا الأمين سنان جلبي [٤] أمين الصقالة ، وعظّمنا [٦٠ ب] وأجلّنا [٥] غاية العظمة والجلالة ، وأحلّنا منزلته وحلاله [٦] ، وكان مولانا السيّد أسبغ الله ظلاله ، وختم بالصّالحات أعماله ، قد أرسل