اسم الکتاب : الفوز بالمراد في تاريخ بغداد المؤلف : سليمان الدخيل الجزء : 1 صفحة : 84
(ب) المواكب والأعياد والمواسم
فاقت مواكب العباسيين مواكب الأمويين ، وتميزت بالروعة والبهاء ، وكان رجال الحرس يصحبون الخليفة المهدى فى موكبه مرتدين الأزياء الفخمة وبأيديهم الأسلحة ، ولكن الرشيد والمأمون كثيرا ما كانا يفضلان البساطة [١].
تجلت روعة مواكب الخلفاء العباسيين فى الجمع والأعياد ، فكان موكب الخليفة يتقدمه الغلمان ـ أى رجال الحرس على اختلاف طبقاتهم ـ يحملون الأعلام والمقارع وآلات الموسيقى المحلاة بالذهب ، ثم يليهم أمراء البيت العباسى على الخيول المطهمة ، ثم الخليفة ممتطيا جوادا ناصع البياض وبين يديه الأشراف وكبار رجال الدولة ، ويأتى بعدهم بقية الغلمان ، وكان الخليفة فى تلك المواكب يلبس القباء الأسود الذى يصل إلى الركبه ، ويتمتطق بمنطقة مرصعة بالجواهر ، ويتخذ عباءة سوداء ويلبس قلنسوة ، وقد زينت بجوهرة ثمينة ، وبيده قضيب رسول الله والخاتم. وتتدلى على صدره سلسلة ذهبية مرصعة بالجواهر الثمينة. أما القباء فكان مفتوحا عند الرقبة [٢].
وتجلت مظاهر الخلفاء العباسيين الخاصة التى تدل على سيادتهم الروحية فى مواكبهم المتجهة من بغداد إلى الحجاز للحج ، فحينما خرج المنصور فى إحدى السنوات للحج ، اجتمع حشد كبير من أهل العراق وخراسان وغيرهم من المتجهين لأداء فريضة الحج فى باب الكوفة ، وكل معه إبله ومؤوتنه ومتاعه ، واجتمع هناك فريق من الجند لحراسة الحجيج فى حلهم وترحالهم ، وسار الموكب وفى طليعته هو أوج تظلها قباب من الديباج ، وفيها يقيم أمر الحج ، ثم أذن للحج بالمسير ، فضرب بوق إيذانا بركوب الخليفة ، وجلس فى هودج وفى يده قضيب الخلافة ، وفى الأخرى الخاتم ، وعليه جبه وشى من فوقها بردة خضراء للرسول ، وبصحبه جماعة من الأمراء ورجال الدولة ، ومن خلفهم الإبل التى يركبها أهل بيته ، ولهم حرس خاص بهم يحملون الرايات السواد ، فلما وقف