responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الرّحلة الحجازيّة المؤلف : الأمير شكيب أرسلان    الجزء : 1  صفحة : 117

هم الملوك إذا أرادوا ذكرها

من بعدهم فبألسن البنيان

إنّ البناء إذا تعاظم شأنه

أضحى يدلّ على عظيم الشان

وكان يحبّ مكناسة الزيتون ، لعذوبة مائها ، وطيب هوائها ، وسلامة مختزنها من العفونة ، فلما فرغ من أمر فاس ، جاء إلى مكناسة ، واشترى دور الأهالي ، وأمرهم بالبناء في غربيها ، وأدار عليها السّور ، وانفرد بالجانب الشرقي من المدينة ، وجعله كله براحا ، وشرع يبني فيه ، واستجاد الصنّاع من جميع البلدان ، وفرض على القبائل عددا معلوما من الرجال والبهائم يبعثون به كلّ شهر.

وفرض على المدن والحواضر عددا معلوما من البنائين ، والنجارين ، والحدادين ، والنحاسين ، إلى غير ذلك.

وكانت حاضرة ملكه لا تخلوا من عشرين ألف أسير من الإفرنج ، فكان يشغّلهم أيضا في مبانيه.

وكان كلما انتهى من قصر بنى غيره ، وكانت الجنان تحيط بقصوره كلها ، وبنى مسجدا عظيما جدا في داخل القصبة التي أسسها ، فضاق هذا المسجد بالنّاس فيما بعد ، فبنى مسجدا أعظم منه اسمه الجامع الأخضر ، وجعل له بابين : بابا إلى القصبة ، وبابا إلى المدينة.

وجعل للقصبة (٢٠) بابا ، كلّها في غاية الارتفاع والسعة ، مقبّوة من أعلاها ، وفوق كلّ باب منها برج عظيم ، عليه من المدافع النحاسية العظيمة ما يقضي بالعجب. وجعل في هذه القصبة بركة عظيمة تسير فيها الفلك والزوارق للنزهة والانبساط.

وجعل في القصبة هريا [١] عظيما جدا لاختزان الحبوب ، يقال : إنه كان يسع حاصلات أهل المغرب ، وجعل بجواره سواقي للماء في غاية


[١] [مخزن].

اسم الکتاب : الرّحلة الحجازيّة المؤلف : الأمير شكيب أرسلان    الجزء : 1  صفحة : 117
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست