وأطلعه على سطح الباخرة ، وأراه جهة رابغ ، وهو الذي يلزم المار به من الحجاج الإحرام عنده ، وقال له : سنعلم الحجاج قبل وصوله الليلة بثلاث ساعات ليتهيأ الناس للإحرام بالاغتسال ولبس ثياب الإحرام ، فلما كان بعد العشاء ليلة الجمعة صوّتت الباخرة صوتا شديدا ثلاث مرات ، كما وعد رئيس الباخرة سيدنا الشيخ إعلاما بقرب رابغ ، فاشتغل الحجاج بالاستعداد للإحرام ، فما تمت الساعات الثلاث حتى فرغوا من شأنهم ، فلما وصلت الباخرة مقابلة رابغ عند انتصاف الليل ، صوتت أيضا إعلاما بوصوله ، فأحرمنا وقت انتصاف ليلة الجمعة التاسعة والعشرين من ذي القعدة وأعلنا بالتلبية لعلام الغيوب ، وسألناه تعالى غفران الذنوب ، وأنشدنا جامعه حين تجردنا من لبس المخيط بصدق النيات ووصلنا رابغا محل الميقات.
[الطويل]
تجرّدت لما وصلت لرابغ
ولبّيت للمولى كما حصل النّدا
وقلت إلهي عندك الفوز بالغنى
وإنّي فقير قد أتيت مجرّدا
مطلب في كوننا أهللنا بالعمرة ، وحديث جابر الدال على فضلية ذلك
وأهللنا بالعمرة لما ورد عنه 6 في حجة الوداع من الحث على التمتع بالعمرة إلى الحج. ويكفي من ذلك حديث جابر [٢٤٤] الذي حدث به عنه 6 ، وقد أورده مسلم في صحيحه ، فقال ما نصه : «حدثنا أبو بكر ابن أبي شيبة وإسحاق بن ابراهيم جميعا عن حاتم قال أبو بكر ، قال حاتم بن اسماعيل المدني عن جعفر بن محمد عن أبيه ، قال : دخلنا على جابر بن عبد الله ، فسأل عن القوم ، حتى انتهى إليّ فقلت : أنا محمد بن علي بن حسين ، فاهوى بيده إلى رأسي ، فنزع زرّي
[٢٤٤] جابر : هو جابر بن عبد الله بن عمرو الخزرجي الأنصاري ، صحابي من المكثرين في الرواية عن النبي 6 ، توفي سنة ٨٧ ه ، أنظر : الإصابة في تمييز الصحابة ، العسقلاني ، ج ، ١ ، ص. ٢١٣.