المسجد [١] حين بنائه المدينة ، ولكن يحمل على تجديده للبناء [٢] لا تأسيسه ، والله أعلم.
وأما مدينة القدس فكانت أرضها في ابتداء الزمان صحراء بين أودية وجبال وهي خالية لا أبنية فيها ولا عمران [٣] ، فأول من بناها واختطها سام بن نوح ، 8 ، وكان ملكا عليها وكان يلقب مليكيصادق [٤] بفتح الميم وسكون اللام وكسر الكاف وسكون الياء المثناة من تحتها وفتح الصاد المهملة وبعدها ألف ، ثم دال مهملة مكسورة وبعدها قاف ، ومعناه بالعبرانية ملك الصدق.
ومما حكي في أمر بناء القدس في تواريخ الأمم السالفة أن مليكيصادق نزل بأرض بيت المقدس وقطن بكهف [٥] من جبالها يتعبد فيه واشتهر أمره حتى بلغ ملوك الأرض الذين هم بالقرب من أرض بيت المقدس وبالشام وسدوم [٦] وغيرها [٧] ، وعدتهم اثنا عشر ملكا فحضروا إليه ، فلما رأوه وسمعوا كلامه اعتقدوه وأحبوه حبا شديدا ، ودفعوا له مالا ليعمر به مدينة القدس ، فاختطها وعمرها وسميت يروشلم [٨] ، وتقدم أن معناه بالعبرانية بيت السلام [٩] ، فلما انتهت عمارتها اتفق الملوك كلهم أن يكون مليكيصادق ملكا عليها ، وكنوه [١٠] بأبي الملوك ، وكانوا بأجمعهم تحت طاعته واستمر حتى مات بها ، وسيأتي [١١] ذكر مولده ووفاته عند ذكر والده نوح ، إن شاء الله تعالى.
ولما بنيت القدس [١٢] كان محل المسجد في وسطها وهو صعيد واحد والصخرة الشريفة قائمة في وسطه حتى بناه داود ثم سليمان ، كما سنذكره إن شاء الله [١٣].
[١] جدد أساس المسجد أ ج : جدد المسجد ب : أسس المسجد د ه.
[٢] يحمل على تجديده للبناء أ : + القديم ب : يحتمل أن يجدد البناء المتقدم مثله ج د : يحتمل على تجديده البناء القديم ه.
[٣] لا أبنية فيها ولا عمران أ ج د ه : لا بناء فيها ولا عمارة ب.
[٤] ورد ذكر لهذا الملك بالتوراة ، ينظر : التكوين ١٤ / ١٨ ـ ١٩.