بظاهر طبرية ولقيه هناك بهاء الدين قراقوش وقد خرج من الأسر ، ثم رحل ونزل بقرب قلعة صفد تحت الجبل وصعد السلطان إليها وأمر بعمارتها. ثم سار إلى أن خيم على مرج تبنين [١] وتفقد أحوالها وأمر بعمارة قلعتها ، ثم سار ونزل على عين الذهب [٢] ورحل وخيم بمرج عيون ، ثم سار وعبر من عمل صيدا. وكلما نزل في مكان يدبر أمره ويرتب أحواله ويأمر بعمارته ، إلى أن وصل إلى بيروت ، فتلقاه واليها عز الدين أسامة [٣] وقدم للسلطان ولأركان دولته الهدايا والتحف النفيسة.
لما أراد السلطان الرحيل من بيروت في يوم السبت الحادي والعشرين من شوال قيل له : إن الإبرنس الأنطاكي قد وصل إلى الخدمة. فأقام السلطان وأذن للإبرنس في الدخول عليه فلما تمثل لديه أكرمه وأظهر له [٥] البشاشة وسكن روعه ، وكان معه من مقدمي فرسانه أربعة عشر باروشا [٦]. فخلع عليه وعليهم وأجزل لهم العطاء ، وودعه يوم الأحد وفارقه وهو مسرور محبور.
لما خرج السلطان من بيروت يوم الأحد بات بالمخيم على البقاع ، ثم سار ووصل إليه أعيان دمشق لتلقيه [٨] ، وجاءه فواكه دمشق وأطايبها ، وأصبح يوم الأربعاء فدخل دمشق لخمس بقين من شوال سنة ٥٨٨ ه (٩)(١٠) ، وزينت البلد
[١] تبنين : بلدة بين دمشق وصور ، ينظر : البغدادي ، مراصد ١ / ٢٥٣.
[٢] عين الذهب : تقع على مسيرة كيلومتر واحد للشمال من قرية الخالصة شمالي فلسطين ، ينظر : الدباغ ٦ / ٥٢ ؛ جبر ١٧٤.
[٣] أسامة بن علي بن مقلد بن نصر بن منقذ الكناني الكلبي الشيزري ، أبو المظفر ، مؤيد الدولة ، من أكابر بني منقذ ومن العلماء الشجعان ، له كتاب الاعتبار ، توفي سنة ٦١٣ ه / ١٢١٦ م ، ينظر : أبو شامة ، الذيل ٦٣ ؛ ابن خلكان ١ / ١٩٥ ـ ١٩٩ ؛ الجابي ٩٣.
[٤] ينظر : ابن الأثير ، الكامل ٩ / ٢٢٢ ؛ ابن شداد ٢٢٨.