ومما وقع أنه كان المستأمنون إلينا من الفرنج تسلموا مراكيس يغزون فيها ووصلوا إلى ناحية من جزيرة قبرص يوم عيدهم ، وقد اجتمعوا في كنيسة فصلوا معهم وأغلقوا باب الكنيسة ، وحملوهم وأسروهم بأسرهم وسبوهم ، وأخذوا جميع ما في الكنيسة وحملوهم [١] إلى اللاذقية ، وباعوا بها كل ما أخذوه ومن جملته سبع وعشرون امرأة سبايا وصبيان فباعوها واقتسموا أثمانها.
وفي سادس عشر [٢] من ربيع الآخر هجم جماعة من العسكر وأخذوا قطيعا من غنم الفرنج وخالطوهم في خيامهم ، وركب الفرنج بأسرهم في أثرهم فلم يظفروا بهم [٣].
وفي يوم الخميس رابع جمادى الأولى زحف العدو إلى البلد وكاد يأخذها فاستنفروا العساكر ، فأصبح السلطان وركب وسير من كشف حال العدو وهل لهم كمين. فكلما شاهد الفرنج عسكر المسلمين قد أقبل تركوا [٤] الزحف وتأخروا ، فإذا عاد عادوا.
كان لصوص المسلمين في الليل استلبوا طفلا من الفرنج من يد أمه له ثلاثة أشهر ، فخرجت والدته والهة عليه ، فلم يشعر السلطان إلا وهي ببابه واقفة ، فأحضرها السلطان وهي باكية ، فأخبرته الخبر ، فطلب الرضيع فقيل له : إن من أخذه باعه بثمن بخس ، فما زال يبحث عنه حتى جيء به في قماطة ودفعه لأمه وشيع معها من أوصلها إلى مكانها وما رد الطفل إلا بعدما اشتراه ممن هو في يده بثمن يرضيه ، رحمة الله عليه.
انتقال السلطان إلى تل العياضية (٦)(٧)
لما أصر الفرنج على مضايقة عكا انتقل السلطان إلى تل العياضية بعساكره