ولما أعلم الله سبحانه وتعالى ، المسيح أنه خارج من الدنيا ، جزع من ذلك ، ودعا الحواريين [٥] ، فصنع لهم طعاما وقال : أحضروني الليلة فإن لي إليكم حاجة. فلما اجتمعوا بالليل عشاهم وقام يخدمهم ، فلما فرغوا [٦] من الطعام أخذ يغسل أيديهم ويمسحها بثيابه ، فتعاظموا ذلك. فقال : من رد عليّ شيئا مما أصنع فليس مني. فتركوه [٧] حتى فرغ ، فقال لهم : إنما فعلت هذا اليوم ليكون أسوة بي [٨] في خدمة بعضكم بعضا. وأما حاجتي إليكم فإن تجتهدوا في الدعاء إلى الله تعالى ، أن يؤخر أجلي.
فلما أرادوا ذلك ألقى الله عليهم النوم حتى لم يستطيعوا الدعاء ، وجعل المسيح يوقظهم وينبههم ، فلم يزدادوا [٩] إلا نوما وتكاسلا ، وأعلموه أنهم مغلوبون على ذلك ، فقال المسيح : سبحان الله يذهب بالراعي وتتفرق الغنم. ثم قال لهم : الحق أقول لكم ليكفرن [١٠] بي أحدكم قبل أن يصيح الديك ، وليبغي أحدكم بدراهم يسيرة ويأكل ثمني [١١].
وكان اليهود قد جدوا في طلبه ، فحضر بعض [١٢] الحواريين إلى هرودوس [١٣] الحاكم على اليهود وإلى جماعة من اليهود وقال : ما تجعلون لي إذا دللتم على المسيح ، فجعلوا له ثلاثين درهما ، فأخذها ودلهم عليه. فرفع الله
[١] فما رأى أ ج هت : فما وارى ب : ـ د / / والله أعلم ونسأله العافية أ ه : فسأل الله تعالى العافية في ذلك والله أعلم ب : والله أعلم ج : ـ د.
[٢] هذا الخبر قال عنه ابن كثير أنه غريب جدا ، ينظر : ابن كثير ، تفسير ٢ / ١١٩.