ثم إن مريم أخذت عيسى وسارت به إلى مصر ، وسار معها ابن عمها [٣] يوسف بن يعقوب بن ماثان النجار [٤] ، وكان حكيما ، ويزعم بعضهم : إن يوسف المذكور قد تزوج بمريم لكنه لم يقربها ، وهو أول من أنكر حملها ، ثم علم وتحقق براءتها ، وسار معها إلى مصر ، وأقاما [٥] هناك اثنتي عشرة سنة. ثم عاد عيسى وأمه إلى الشام ونزلا الناصرة [٦] وبها سميت النصارى ، وأقام بها عيسى حتى بلغ ثلاثين سنة. فأوحى الله تعالى [٧] إليه ، وأرسله إلى الناس ، وسار إلى الأردن وهو نهر الغور المسمى بالشريعة ، فاعتمد [٨] وابتدأ بالدعوة ، وكان يحيى بن زكريا هو الذي عمده كما تقدم ، وكان ذلك لستة أيام خلت [٩] من كانون الثاني لمضي سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة للإسكندر ، وأظهر عيسى ، 7 ، المعجزات [١٠] وأحيا ميتا يقال له : عازر ، بعد ثلاثة أيام من موته ، وجعل من الطين طائرا ، قيل : هو الخفاش ، وأبرأ الأكمه والأبرص ، وكان يمشي على الماء ، 6.
نزول المائدة
[١١] وأنزل الله تعالى [١٢] عليه المائدة ، وأوحى الله إليه الإنجيل ، وكان عيسى ، 7 ، يلبس الصوف والشعر ويأكل من نبات الأرض ، وربما تقوت من غزل أمه.
[٦] الناصرة : مدينة بينها وبين طبرية ثلاثة عشر ميلا ، منها اشتق اسم النصارى لأن المسيح سكنها فنسب إليها ، ينظر : ياقوت ، معجم البلدان ٥ / ٢٩١ ؛ البغدادي ، مراصد ٣ / ١٣٤٨ ؛ الحميري ٥٧١ ؛ الدباغ ٧ / ٣٤ ؛ شراب ٧٠٢.