وكان قد امره الله على لسان عبده أرميا النبي ، 7[١] ، أن يبني بيت المقدس. ففعل ذلك ، وأصعد إليها من بني إسرائيل أربعين ألفا ، وقربوا القرابين على رسومهم الأولى ، ورجعت إليهم دولتهم ، وعظم محلهم عند الأمم ، قال الله تعالى : (ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً (٦) إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها)[٢] ، وعاد البلد أحسن مما كان.
وحكى بعض المؤرخين : إن الله تعالى أوحى إلى أشعيا النبي ، 7 ، أن كورش يعمر بيت المقدس ، ذكر لفظ أشعيا الذي قال [٣] في الفصل الثاني والعشرين [٤] من كتابه حكاية عن الله ، عز وجل ، وهو أن القائل لكورش راعى الذي يتمم جميع محياي ، ويقول لأورشليم عودي مبنية ، ولهيكلها كن زخرفا مزينا ، هكذا قال الرب لمسبحه كورش الذي أخذ بيمينه لتدبير الأمم ، وينحي ظهور [٣٦ / أ] الملوك ، سائرا يفتح الأبواب / / أمامه فلا تغلق [٥] ، وأسهل لك الوعر ، وأكسر أبواب النحاس ، وأحبوا لك بالدخائر التي في الظلمات ، انتهى.
ولما عادت عمارة بيت المقدس تراجع [٦] إليه بنو إسرائيل من العراق وغيره ، وكانت عمارته في أول سنة تسعين لابتداء ولاية بخت نصر.
ولما تراجع بنو إسرائيل إلى القدس كان من جملتهم عزير ، 7[٧] ، وكان بالعراق ، وقدم معه من بني إسرائيل ما يزيد على ألفين من العلماء وغيرهم ، وترتب [٨] مع عزير في القدس مائة وعشرون شيخا من علماء بني إسرائيل ، وكانت التوراة [٩] قد عدمت منهم إذ ذاك ، فمثلها الله تعالى [١٠] في صدر العزير ووضعها لبني إسرائيل يعرفونها بحلالها وحرامها ، فأحبوه حبا شديدا ، وأصلح العزير أمرهم ، وأقام بينهم على ذلك.