فقرأوها ، فطار من بين أيديهم حتى وقع على شرفة والخاتم معه ، ثم طار حتى ذهب إلى البحر فوقع الخاتم منه في البحر ، فابتلعه [١] حوت ، فأخذه بعض الصيادين.
وقد عمل [٢] له سليمان صدر يومه ذلك حتى إذا كان العشاء أعطاه سمكتيه ، فأعطي السمكة التي أخذت [٣] الخاتم ، وخرج سليمان بسمكتيه ، فباع التي ليس في بطنها الخاتم بالأرغفة [٤] ، ثم عمد إلى السمكة الأخرى فبقرها ليشويها ، فاستقبله خاتمه في جوفها ، فأخذه فجعله في يده ، فرد الله عليه ملكه وبهاءه ، فوقع ساجدا وعكفت عليه الطير [٥] والوحوش والأنس والجن ، وأقبل عليه الناس ، وعرف الذي كان ، دخل عليه لما أحدث في داره ، فرجع إلى ملكه وأظهر التوبة من ذنبه ، وأمر الشياطين فقال : ائتوني بصخر ، فطلبته الشياطين حتى أخذته ، فأتي به ، فجاء له بصخرة ، فأدخله فيها ، ثم سد عليه بأخرى ، ثم أوثقها بالحديد والرصاص ، ثم أمر به ، فقذف به في البحر ، هذا حديث وهب ، وحكي غيره [٦].
وأشهر الأقاويل : أن الجسد الذي ألقى على كرسيه هو صخر الجني فذلك قوله ، عز وجل : (وَأَلْقَيْنا عَلى كُرْسِيِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنابَ) (٣٤) [٧] أي رجع إلى ملكه بعد أربعين يوما فلما رجع (قالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي)[٨] يريد هب لي ملكا لا تسلبنيه في باقي عمري وتعطيه غيري كما سلبتنيه فيما مضى (إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ) (٣٥) [٩] قيل [١٠] : سأل ذلك ليكون علما على قبول توبته حيث أجاب الله دعاءه ورد إليه ملكه وزاد فيه.
وقال مقاتل : كان سليمان ملكا ولكنه أراد بقوله : (لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي)[١١]