وأرسل قصاده [١] إلى جميع البلاد ، فاجتمع إليه سبعون ألف ساحر وهم أحذق الخلق ، / / ثم بعث إلى موسى ودعاه ، وقال فرعون للسحرة : اجتهدوا أن تغلبوا موسى.
ثم اجتمع الناس في صعيد واحد لينظروا من يكون الغالب. وخرج فرعون بجنده. وأقبل [٢] موسى وهارون وقد أحدقت بهم الملائكة ، وكان السحرة قد أخرجوا ثلاثمائة وقر [٣] من الحبال والعصي ، وسحروا أعين الناس ، فإذا حبالهم وعصيهم يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى ، فامتلأ الوادي من العصي والحبال وجعلت تركض بعضها على بعض : (فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى) (٦٧) ـ وأوحى الله إليه ـ (لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى (٦٨) وَأَلْقِ ما فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ ما صَنَعُوا إِنَّما صَنَعُوا كَيْدُ ساحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتى (٦٩))[٤] ، فزال عن موسى الخوف وقال : (ما جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ) (٨١) [٥] ثم ألقى عصاه في وسط الوادي ، وبطل ما أظهروه من السحر ، فإذا [٦] حبال وعصي ، وصارت عصا موسى ثعبان لها سبع رؤوس ، ثم أتت على حبالهم وعصيهم ، فابتلعتها عن آخرها وجميع ما في الوادي [٧] من زينة فرعون ، ثم حملت على السحرة ، فولوا هاربين على وجوههم ، ثم اجتمعوا في موضع واحد وقالوا : ما هذا بسحر [٨] إنا آمنا بربنا ، ثم خرجوا جميعهم ساجدين ، فاغتم فرعون لذلك ، وقال للسحرة [٩] : (قالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ)[١٠] ، فقطع [١١] أيديهم وأرجلهم من خلاف ، وأمر بصلبهم أجمعين.