وقوله تعالى : (وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِها فَوَجَدَ فِيها رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ هذا مِنْ شِيعَتِهِ وَهذا مِنْ عَدُوِّهِ)(٢)(٣) ، وذلك أن موسى ، 7 ، كان يمشي في بعض الأيام ، فوجد إسرائيليا وقبطيا يختصمان ، فاستغاث به [٤] الإسرائيلي ، فوكز [٥] القبطي في صدره فمات ، فندم موسى : (قالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي)[٦] فأعلم أهل المدينة فرعون بفعل موسى [٧] ، فلم يصدق.
ثم أصبح موسى وهو خائف أن يأخذ بدم القتيل ، فإذا الذي استنصره بالأمس يستصرخه على آخر من القبط ، والقبطي يقول : قتل ابن عمي بالأمس ، فقال : يا موسى أعنّي على هذا القبطي ، فإنه يريد أن يحملني إلى فرعون ، فقال له موسى ، كما أخبر الله تعالى : (إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ) (١٨) [٨] ، فحزن الفتى من كلامه ، وعلم [٩] أن موسى قد ندم على ما كان منه بالأمس.
ثم إن موسى لم يجد بدا من نصرته لأنه قد استغاث به فدنا موسى من القبطي ونزع الإسرائيلي من يده ، فظن القبطي أنه يريد قتله ، فقال ، كما أخبر الله تعالى : (يا مُوسى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَما قَتَلْتَ نَفْساً بِالْأَمْسِ إِنْ تُرِيدُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّاراً فِي الْأَرْضِ وَما تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ) (١٩) [١٠].
ثم دخل القبطي على فرعون ، فأخبره [١١] أن موسى قتل رجلا ، فأرسل فرعون في طلبه ، وأذن لأولياء المقتول أن يقتلوه حيثما وجدوه ، فسمعه رجل مؤمن من آل
[١] ينظر : الطبري ، تاريخ ١ / ٣٩١ ؛ الثعلبي ٩٩ ؛ المقدسي ، البدء ٣ / ٨٤ ؛ ابن الأثير ، الكامل ١ / ٩٨ ؛ النجار ١٦٣.