ثمنه [١]؟ قالوا : وأنّي لنا بثمنه ، قال : تسمّون الله تبارك وتعالى إذا أكلتم وتحمدونه إذا فرغتم. قالوا : سبحان الله! لو كان ينبغي لله أن يتخذ خليلا من خلقه لا تخذك خليلا يا إبراهيم ، فاتخذ الله إبراهيم خليلا [٢].
وقيل : إن الملائكة لما رأت ازدياد إبراهيم ، 7 ، في الخير ، وإقبال الدنيا عليه ، ولم يشغله ذلك عن الله طرفة عين ، عجبت [٣] من ذلك ، وقالت : إن ظاهره حسن ، وإنه لا يؤثر على ربه شيئا [٤] فهل هو في قلبه هكذا؟ فعلم الله سبحانه وتعالى منهم قبل ما تكلموا به [٥] فأمر ملكين من أجلاء الملائكة ، وقيل : إنهما جبريل وميكائيل ، 8 ، أن ينزلا عليه ويستضيفانه [٦] ، ويذكراه بربه ، ويرفعا صوتهما عنده بالتسبيح والتقديس لله تعالى ، فنزلا على صورة بني آدم فسألاه الإذن لهما بالمبيت ، عنده فأذن لهما ، وأكرم نزلهما ، ورفع محلهما ، فلما كان في [١٣ / أ] بعض الليل ، وهو يسامرهما [٧] ، / / إذ رفع أحدهما صوته ، وقال : سبحان ذي الملك والملكوت ، ثم رفع الآخر صوته وقال : سبحان الملك القدوس ، بصوت لم يسمع مثله. قال : فأغمي على إبراهيم ، 7 ، ولم يملك نفسه من الوجد والطرب ، ثم أفاق بعد ساعة ، وقال لهما : أعيدا عليّ ذكركما ، فقالا [٨] : لا نفعل حتى تجعل لنا شيئا معلوما ، فقال لهما [٩] : خذا ما تختارا من مالي ، فقالا له : أعطيناما شئت ، فقال : لكما جميع مالي من الغنم ، وكان شيئا كثيرا فرضيا بذلك ، ثم رفعا صوتهما ، وقالا كالأول [١٠] ، فأغمي عليه ، فلما أفاق وعلم أنهما لا يقولون شيئا إلا بمعلوم قال لهما : لكما جميع مالي من البقر ، فرضيا وأعادا ، ولم يزالا يكرران عليه الذكر ويتجلى ويستغرق [١١] في لذاته حتى أعطاهما جميع موجوداته من ماله وأهله ، ولم يبق إلا نفسه ، فباعها لهما ، ورضي أن يكون في رقهما ، وجعل في