قد تقدم أن إبراهيم الخليل ، 7 ، لما سار إلى مصر ومعه زوجته سارة ، ووهبها [١] فرعون مصر هاجر ، فلما قدم إلى الشام ، وأقام بين الرملة وإيلياء [٢] ، وكانت سارة لا تحمل ، فوهبت هاجر لإبراهيم ، 7 ، فوقع عليها [٣] ، فولدت إسماعيل ، 7 ، ومعنى إسماعيل بالعبراني : مطيع الله ، وكانت ولادته لمضي ست وثمانين سنة من عمر إبراهيم [٤].
فحزنت [٥] سارة لذلك ، ووهبها الله إسحاق ولدته ولها تسعون سنة ، ثم غارت سارة من هاجر وابنها [٦] ، وطلبت من إبراهيم أن يخرجهما عنها ، فسار بهما إلى الحجاز [٧] ، وتركهما بمكة بإذن الله تعالى ، وليس بمكة يومئذ أحد ولا بها ماء ، ووضع عندهما جرابا فيه تمر وسقاء [٨] فيه ماء ، ثم قفل إبراهيم ، 7 ، منطلقا فتبعته أم إسماعيل فقالت : يا إبراهيم أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس فيه أنيس ولا شيء؟ وقالت له ذلك مرارا ، وهو لا يلتفت إليها فقالت له : الله أمرك بهذا؟ قال : نعم ، فقالت : إذا لا يضيعنا الله ، ثم رجعت فانطلق إبراهيم ، 7 ، حتى إذا كان عند الثنية حيث لا يرونه ، استقبل القبلة بوجهه ، ثم دعا بهذه لدعوات ، ورفع يديه فقال : (رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ) (٣٧) [٩].
وجعلت أم إسماعيل ، 7 ، ترضعه وتشرب من ذلك الماء حتى إذا نفذ ما في السقاء ، وعطش ابنها ، وجعلت تنظر إليه يتلوى ، فانطلقت كراهة أن تنظر