لقد عم البلاء في هذا الوقت بإخراج كتب العلم ونشرها في صور مشوّهة ومزيّفة ، يعتريها التحريف والتبديل ، ويشوبها الزّغل والدّخل ، ولعل السبب في ذلك ينحصر في أمرين :
(١) التسرع والعجلة : وقد أحسن القائل :
قد يدرك المتأني جلّ مقصده
وقد يكون مع المستعجل الزّلل
(٢) الجهل : ولله درّ القائل :
ما كل من نال المعالي ناهضا
فيها ولا كل الرجال فحول
وقال آخر :
احفظ لسانك أن تقول فتبتلى
إن البلاء موكل بالمنطق
وقال آخر :
ما تفعل الأعداء في جاهل
ما يفعل الجاهل في نفسه
وأمر التصنيف والتأليف والتحقيق خطير ، فهو أمانة يسأل الإنسان يوم القيامة عن حسن أدائها ، كما أنه شهادة على صاحبه في الدنيا ، فإن أحسن شكره الناس ، وإن كثرت إساءته أغمضوا فيه ، وقد قال الجاحظ : «من صنّف فقد استهدف ، فإن أحسن فقد استعطف ، وإن أساء فقد استقذف» [١].