«قال : وشهدنا غزاة مع صلاح الدين ، فجاء ثلاثة فقهاء ، فدخلوا خيمة أصحابنا فشرعوا في المناظرة ، وكان الشيخ موفق الدين ، والبهاء حاضرين ، فارتفع كلام أولئك الفقهاء ، ولم يكن السيف (عبد الله بن عمر المقدسي) حاضرا ، ثم حضر ، فشرع في المناظرة ، فما كان بأسرع من أن انقطعوا من كلامه».
وقال الضياء : سافرت مرة مع خالي الإمام أبي عمر إلى الغزاة ، فبتنا عند قرية ، فأراد بعضنا أن يسهر ويحرسنا ، فقال له الشيخ : نم ، وقام هو يصلّي.
المدرسة الضيائية ، ومكتبتها
عمل الحافظ على نشر السنّة وعلومها في مدرسة بناها بنفسه ، وجعلها دارا للحديث النبوي ، وأطلق عليها اسم دار الحديث الضيائية ، ويقال لها أيضا دار السنّة ، وبناها بسفح جبل قاسيون شرقي الجامع المظفري (جامع الحنابلة).
ويصف لنا ابن رجب عمل الضياء في بناء مدرسته فيقول : بناها للمحدثين ، والغرباء الواردين ، مع الفقر والقلّة ، وكان يبني منها جانبا ويصبر إلى أن يجتمع معه ما يبني به ، ويعمل فيها بنفسه.
وتشتمل هذه المدرسة على مسجد ، وصفّة ، وبئر ماء ، وصحن للمدرسة ، ومكتبة ، وغرف للطلاب.
المكتبة الضيائية
أنشأ الحافظ الضياء داخل مدرسته مكتبة عامرة ، أوقف فيها كتبه وأجزاءه الحديثية ، التي تلقّاها عن شيوخه ، وضم إليها مؤلفاته ، وأوقف أيضا كثيرا من مؤلفات كثير من أهله ، وشيوخه ، وتلاميذه ، ومروياتهم كالحافظ عبد الغني المقدسي ، والموفق عبد الله ، وابن الحاجب ، وابن سلام ، وابن هامل ، وغيرهم.