أمّا الكتاب فبما ورد فيه من النهي عن أتّباع الظنّ ، كقوله تعالى : (وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ...)[١].
وقد يجاب على ذلك : بأنّ النهي المذكور إنّما يدلّ على نفي الحجّيّة عن خبر الواحد بالإطلاق ، وهذا الإطلاق يقيّد بدليل حجّيّة خبر الواحد ، سواء كان لفظيّاً أو سيرة.
أمّاعلى الأوّل فواضح ، وأمّاعلى الثاني فلأنّ إطلاق الآيات لايصلح أن يكون رادعاً عن السيرة ، كماتقدّم ، وهذا يعني استقرار حجّيّةالسيرة فتكون مقيّدةً للإطلاق.
وأمّا السنّة ففيها ما دلّ على عدم جواز العمل بالخبر غير العلميّ [٢] ، وفيها ما دلّ على عدم جواز العمل بخبرٍ لا يكون عليه شاهد من الكتاب الكريم [٣].
أمّا الفريق الأوّل فيرد عليه :
أوّلاً : أنّه من أخبار الآحاد الضعيفة سنداً ، ولا دليل على حجّيّته.
وثانياً : أنّه يشمل نفسه ؛ لأنّه خبر غير علميٍّ بالنسبة إلينا ، ولا نحتمل الفرق بينه وبين سائر الأخبار غير العلميّة ، وهذا يعني امتناع حجّيّة هذا الخبر ؛ لأنّ حجّيّته تؤدّي إلى نفي حجّيّته والتعبّد بعدمها.
وأمّا الفريق الثاني فيرد عليه : أنّه لو تمّ في نفسه لكان مطلقاً شاملاً للأخبار
[٢] مثل ما ورد عن الإمام الهادي عليهالسلام : «ما علمتم أنّه قولنا فالزموه ، وما لم تعلموا فردّوه إلينا». وسائل الشيعة ٢٧ : ١٢٠ ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٣٦
[٣] وسائل الشيعة ٢٧ : ١١٠ ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ١١