فانقدح بذلك : أنّ المراد بتعلّق الأوامر بالطبائع دون الأفراد أنّها بوجودها السعيّ بما هو وجودها ـ قبالا لخصوص الوجود ـ متعلّقة للطلب ، لا أنّها بما هي هي كانت متعلّقة له ـ كما ربما يتوهّم [٢] ـ ، فإنّها كذلك ليست إلّا هي [٣]. نعم ، هي كذلك [٤] تكون متعلّقة للأمر ، فإنّه طلب الوجود [٥] ، فافهم [٦].
دفع وهم
لا يخفى : أنّ كون وجود الطبيعة أو الفرد متعلّقا للطلب إنّما يكون بمعنى أنّ الطالب يريد صدور الوجود من العبد وجعله بسيطا ـ الّذي هو مفاد كان التامّة ـ وإفاضته. لا أنّه يريد ما هو صادر وثابت في الخارج كي يلزم طلب الحاصل ـ كما توهّم [٧] ـ. ولا جعل الطلب متعلّقا بنفس الطبيعة وقد جعل وجودها غاية لطلبها ،
[١] أي : تعلّق الأمر بوجود الطبيعة الّتي تتخصّص بخصوصيّة في الخارج لا محالة ، من غير فرق بين أنحاء الخصوصيّة ، لا بوجود الطبيعة الخاصّة.
وأنت خبير بأنّه يرجع إلى ما ذكرنا من تعلّق الأمر بالفرد لا بالفرد الخاصّ ، بحيث كان الإتيان بكلّ فرد امتثالا للأمر ، فلم يتعلّق الأمر بالطبيعة.
[٢] المتوهّم صاحب الفصول في الفصول الغرويّة : ١٢٥.
[٣] لا موجودة ولا معدومة ، لا مطلوبة ولا لا مطلوبة. والطلب انّما يتعلّق بالأشياء بداعي ما فيها من المصالح أو المفاسد القائمة بوجوداتها. وأمّا الطبائع بأنفسها بما هي ليست فيها مصلحة ولا مفسدة ، فلا وجه لتعلّقه بها.
[٥] لعلّه إشارة إلى أنّ مدلول هيئة الأمر هو طلب الوجود ، فيكون لفظ الأمر اسما لطلب الوجود ، ولا إشكال في صحّة تعلّق طلب الوجود بالطبيعة من حيث هي ، فتكون الطبيعة من حيث هي متعلّقة للأمر.
[٦] ولعلّه إشارة إلى عدم صحّة كون الطبيعة من حيث هي متعلّقة للأمر بالبيان المذكور. وذلك لأنّ الطبيعة من حيث هي ليست متعلّقة لطلب الوجود الّذي هو مدلول هيئة الأمر ، بل متعلّقة لنفس الوجود ، ضرورة أنّ الماهية معروضة للوجود ، وبعد الوجود تعلّق به الطلب ، فلا يصحّ أن يقال : إنّ طلب الوجود متعلّق بالطبيعة بما هي هي.
[٧] المتوهّم صاحب الفصول في الفصول الغرويّة : ١٢٦.
اسم الکتاب : كفاية الأصول - ت الزارعي السبزواري المؤلف : الآخوند الخراساني الجزء : 1 صفحة : 256