اسم الکتاب : كفاية الأصول - ت الزارعي السبزواري المؤلف : الآخوند الخراساني الجزء : 1 صفحة : 216
أمّا عدم اعتبار قصد التوصّل : فلأجل أنّ الوجوب لم يكن بحكم العقل إلّا لأجل المقدّميّة والتوقّف ، وعدم دخل قصد التوصّل فيه واضح. ولذا اعترف [١] بالاجتزاء بما لم يقصد به ذلك [٢] في غير المقدّمات العباديّة لحصول ذات الواجب.
فيكون تخصيص الوجوب بخصوص ما قصد به التوصّل من المقدّمة بلا مخصّص ، فافهم.
نعم ، إنّما اعتبر ذلك في الامتثال ، لما عرفت [٣] من أنّه لا يكاد يكون الآتي بها بدونه ممتثلا لأمرها وآخذا في امتثال الأمر بذيها ، فيثاب بثواب أشقّ الأعمال. فيقع الفعل المقدّميّ على صفة الوجوب ولو لم يقصد به التوصّل كسائر الواجبات التوصّليّة ، لا على حكمه السابق الثابت له لو لا عرض صفة توقّف الواجب الفعليّ المنجّز عليه. فيقع الدخول في ملك الغير واجبا إذا كانت [٤] مقدّمة لإنقاذ غريق أو إطفاء حريق واجب فعليّ ، لا حراما ، وإن لم يلتفت إلى التوقّف والمقدّميّة. غاية الأمر يكون حينئذ [٥] متجرّئا فيه ، كما أنّه مع الالتفات يتجرّأ بالنسبة إلى ذي المقدّمة فيما لم يقصد التوصّل إليه أصلا. وأمّا إذا قصده ولكنّه لم يأت بها بهذا الداعي بل بداع آخر أكّده بقصد التوصّل ، فلا يكون متجرّئا أصلا.
وبالجملة : يكون التوصّل بها إلى ذي المقدّمة من الفوائد المترتّبة على المقدّمة الواجبة ، لا أن يكون قصده قيدا وشرطا لوقوعها على صفة الوجوب ، لثبوت ملاك الوجوب [٦] في نفسها بلا دخل له فيه أصلا ، وإلّا لما حصل ذات الواجب ولما سقط الوجوب به ، كما لا يخفى.
[١] أي : اعترف الشيخ الأنصاريّ ، حيث قال : «وقضيّة ذلك هو قيام ذلك الواجب مقامه» وقال :«انّما الإشكال في المقدّمة إذا كانت من الأعمال العباديّة الّتي يجب وقوعها على قصد القربة».