فاعلم ان الحق هو القول بالاتحاد مع الارادة التشريعية لأننا لا نجد فى انفسنا غير
حتى بالنسبة الى ما كان نفس الذات فيه علة تامة لوجوده كما هو بالنسبة الى ذاته تعالى فانها علة تامة للمعلول الاول فانه لم يكن صدوره ضروريا بل هو تعالى مختار في فعله فله اصداره وله تأخيره بعد حين وتأخره لا ينقض عليته التامة كما ان الحكماء أجابوا عن هذه الشبهة بما حاصله ان وجوب الفعل بايجاب الفاعل لا يخرجه عن كونه اختياريا مع كونه مسبوقا بالارادة فهو وان كان ضروريا بالاضافة الى الارادة إلا انه لا ينافى اختيارية ذاته لأنه يصير ضروريا وواجبا بالغير ولا ينافي ذلك امكانيته وإلا لو كان الوجوب الغيرى ينافى اختيارية الفعل لزم ان يكون ضرورية ما هو معلول لذاته جل وعلا كالصادر الاول ضروريا وواجبا بالغير منافيا لكونه تعالى فاعلا مختارا ولا منافاة فى ذلك إذ الوجوب بالاختيار لا ينافى الاختيار كما ان الامتناع بالاختيار لا ينافى الاختيار هذا وقد ذكرنا في تعليقتنا على الكفاية جوابا لبعض المحققين قدسسره عن الشبهة بتوضيح منا وبيانه يتوقف على بيان أمور :
الأول ان الماهيات الامكانية متمايزة بالذات كالحجرية والشجرية.
الثاني ان المجعول بالاصل وبالذات هو الوجود وان الماهية مجعولة بالعرض.
الثالث ان افاضة الوجود على الماهيات المتباينة بالذات على السوية والاختلاف بينهما من حيث الشدة والضعف ليس من ناحية افاضة الوجود وانما هو من ناحية قبولها للافاضة وان شئت زيادة التوضيح لهذا الأمر فلاحظ النور المنبسط على الزجاجات المختلفة الالوان من السواد والبياض والاحمرار وغيرها وليس هذا الاختلاف من ناحية النور اذ افاضته على الزجاج على نحو واحد وانما هو من ناحية القابل وهو نفس الزجاج فيكون منه يلائم النور فيكتسب شدة النور ومنه لا يلائم النور فلا يكتسب من النور الا القليل.