اسم الکتاب : أصول الفقه المؤلف : الأراكي، محمد علي الجزء : 1 صفحة : 250
مالك يكون مجيزا ، كما أنّه قد يريد شيئا بالإرادة التشريعيّة ومن حيث إنّه شارع ، ويريد خلافه بالإرادة التكوينية ومن حيث إنّه خالق ، ولهذا يوجد أسباب خلافه ومقدّماته.
والثاني : أنّ النهي في المعاملة وإن قلنا بعدم ملازمته للفساد عقلا هل هو ملازم له شرعا أولا؟ فنقول : يمكن الاستدلال على الملازمة شرعا بعموم التعليل الواقع في خبر تزويج العبد بغير إذن سيّده المرويّ في الكافي والفقيه عن زرارة عن الباقر 7 «سأله عن مملوك تزوّج بغير إذن سيّده؟ فقال : ذلك إلى سيّده إن شاء أجازه وإن شاء فرّق بينهما ، قلت : أصلحك الله تعالى إنّ حكم بن عتبة وإبراهيم النخعي وأصحابهما يقولون : إنّ أصل النكاح فاسد ولا يحلّ إجازة السيّد له؟ فقال أبو جعفر 7 : إنّه لم يعص الله ، إنّما عصى سيّده ، فإذا أجاز فهو له جائز».
فإنّ ظاهر الفقرة الأخيرة أنّ كلّ معاملة كانت معصية لله ومخالفة للنهي التكليفي بعنوانه الأوّلي فهي غير قابلة للصّحة ، وتزويج العبد وإن كان محرّما لكونه معصية السيّد ، إلّا أنّ الحرمة متعلّقة بعنوان مخالفة السيّد لا بعنوان التزويج.
فإن قلت : المراد بالمعصية المنفيّة مخالفة النهي الوضعي دون التكليفي ؛ إذ المراد بمعصية السيد بقرينة الصدر هو مجرّد الفعل بدون رضاه وإذنه وإمضائه ، فيكون المراد بالمعصية المنفيّة أيضا بقرينة السياق هو مجرّد الفعل الذي لم يمضه الله ولم يشرّعه بل نهى عنه وضعيّا ، بمعنى فقدانه شرطا شرعيّا ، وهذا لا كلام في فساده.
قلت : حمل المعصية على مخالفة النهي الوضعي خلاف الظاهر في الغاية ، بل الظاهر منها مخالفة النهي التحريمي ، وأمّا عدم الإذن الواقع في صدر الرواية فمحمول على الكراهة وإطلاقه عليها شايع في العرف ، ألا ترى أنّه يقال : فلان غير راض بكذا فيما إذا كان كارها له ، مع أنّ عدم الرضى أعمّ بحسب اللغة من الكراهة ، وبالجملة ، فإبقاء المعصية على ظاهرها ورفع اليد عن ظهور عدم الإذن فيما هو أعمّ من الكراهة أولى من العكس ؛ لأقوائيّة ظهور الأوّل من الثاني ، فيتمّ بذلك الاستدلال بالرواية على المطلوب.
اسم الکتاب : أصول الفقه المؤلف : الأراكي، محمد علي الجزء : 1 صفحة : 250