اسم الکتاب : مجموعة نفيسة في تاريخ الأئمة المؤلف : مجموعة من العلماء الجزء : 1 صفحة : 274
و بذلوا الجهد في قلع الصّخرة و استصعبت عليهم، لوى رجله عن
سرجه حتّى صار على الأرض، ثمّ حسر عن ذراعيه و وضع أصابعه تحت جانب الصّخرة
فحرّكها، ثمّ قلعها بيده و رمى بها أذرعا كثيرة، فلمّا زالت عن مكانها ظهر لهم
بياض الماء، فبادروا إليه فشربوا منه فكان أعذب ماء شربوا منه في سفرهم و أبرده و
أصفاه، فقال لهم: «تزوّدوا و ارتووا» ففعلوا ذلك، ثمّ جاء إلى الصّخرة فتناولها
بيده و وضعها حيث كانت، فأمر أن يعفى أثرها بالتّراب ففعلوا و الرّاهب ينظر من فوق
ديره، فلمّا استوفى علم ما جرى نادى يا معشر النّاس: «انزلوني انزلوني، فاحتالوا
في إنزاله، فوقف بين يدي أمير المؤمنين 7 فقال له: يا هذا أنت نبيّ
مرسل، قال «لا» قال: فملك مقرّب؟ قال: «لا» قال: فمن أنت؟ قال: «أنا وصيّ رسول
اللّه محمّد بن عبد اللّه خاتم النّبيّين 6» قال: أبسط
يدك أسلم للّه تبارك و تعالى على يديك، فبسط أمير المؤمنين 7 يده و قال
له: «أشهد الشّهادتين» فقال: أشهد أن لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له، و أشهد
أنّ محمّدا عبده و رسوله، و أشهد أنّك وصيّ رسول اللّه، و أحقّ النّاس بالأمر من
بعده. فأخذ أمير المؤمنين 7 عليه شرايط الإسلام ثمّ قال له: «ما الّذي
دعاك الآن إلى الإسلام بعد طول مقامك في هذا الدّين على الخلاف؟» قال: أخبرك يا
أمير المؤمنين أنّ هذا الدّير بني على طلب قالع هذه الصّخرة و مخرج الماء من
تحتها، و قد مضى عالم قبلي فلم يدركوا ذلك، و قد رزقنيه اللّه عزّ و جلّ، إنّا نجد
في كتاب من كتبنا و ناثر عن علمائنا أنّ في هذا الصّقع[1] عينا عليها صخرة لا يعرف
مكانها إلّا نبيّ أو وصيّ نبيّ، و أنّه لا بدّ من وليّ اللّه يدعوا إلى الحقّ،
آيته معرفة مكان هذه الصّخرة، و قدرته على قلعها، و انّي لما رأيتك قد فعلت ذلك
تحقّقت ما كنّا ننتظره و بلغت الأمنية منه، فأنا اليوم مسلّم على يديك و مؤمن
بحقّك و مولاك، فلمّا سمع ذلك أمير المؤمنين 7 بكى حتّى اخضلّت لحيته
من الدّموع ثمّ قال: «الحمد للّه الّذي لم أكن عنده منسيّا، الحمد للّه الّذي كنت
في كتبه مذكورا» ثمّ دعا النّاس فقال لهم: اسمعوا ما يقول أخوكم