responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر    الجزء : 1  صفحة : 74

من كان لا يطأ التراب برجله‌

وطئ التّراب بناعم الخدّ

من كان بينك في التّراب و بينه‌

شبران كان بغاية البعد

لو بعثرت للنّاس أطباق الثّرى‌

لم يعرف المولى من العبد

و قال الهيثم بن عدي‌[1]: وجدوا غارا في جبل لبنان زمان الوليد بن عبد الملك‌[2]، و فيه رجل مسجّى على سرير من ذهب، و عند رأسه لوح من ذهب، مكتوب فيه بالرومية: أنا سبأ بن نواس بن سبأ، خدمت عيصو بن إسحاق بن إبراهيم خليل الرب الديّان الملك الأكبر، و عشت بعده عمرا طويلا، و رأيت عجبا كثيرا، و لم أر فيما رأيت أعجب من غافل عن الموت، و هو يرى مصارع آبائه، و يقف على قبور أحبّائه، و يعلم أنّه صائر إليهم، ثم لا يتوب، و قد علمت أنّ الأجلاف الجفاة، سينزلونني عن سريري و يتموّلونه، و ذلك حين يتغيّر الزمان، و تتأمّر الصبيان، و يكثر الحدثان‌[3]. فمن أدرك هذا الزمان، عاش قليلا و مات ذليلا.

و يروى أنّ الإسكندر[4] مرّ بمدينة قد ملكها أملاك‌[5] سبعة، و بادوا، فقال:

هل بقى من نسل الأملاك الذين ملكوا هذه المدينة أحد؟ فقالوا: رجل يكون في المقابر، فدعا به، و قال له: ما دعاك إلى لزوم المقابر؟ قال: أردت أن أعزل عظام الملوك من عظام عبيدهم، فوجدت ذلك سواء، قال: فهل لك أن تتبعني، فأحيي بك شرف أبائك إن كانت لك همّة؟ قال: إن همّتي لعظيمة إن كانت بغيتي عندك، قال: و ما بغيتك؟ قال: حياة لا موت فيها، و شباب لا هرم فيه، و غنى لا يتبعه فقر، و سرور لا يعتريه مكروه. قال: ما أقدر على هذا، قال: فانفذ لشأنك، و خلّني أطلب بغيتي ممن هي عنده، فقال الاسكندر: هذا أحكم من رأيت.


[1] - الهيثم بن عدي: أبو عبد الرحمن الطائي الكوفي، المؤرخ، اتهمه البخاري، و ابن معين و النسائي بأنه كذّاب، أو متروك الحديث، قيل: أنه كان يرى رأي الخوارج، توفي سنة 207 ه.( سير أعلام النبلاء ج 10/ 104).

[2] - الوليد بن عبد الملك: الخليفة الأموي السادس، بلغت الدولة في عهده أوج عزّها، وصلت جيوشه إلى بخارى و سمرقند و طنجة و الهند، شيّد الجامع الأموي في دمشق و المسجد الأقصى في القدس، توفي سنة 96 ه.( الأعلام 8/ 121).

[3] - الحدثان: صغير و السن.

[4] - الإسكندر: من أشهر الفاتحين، سبقت ترجمته.

[5] - أملاك: جمع ملك، و تجمع ملك على ملوك و أملاك.

اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر    الجزء : 1  صفحة : 74
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست