responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر    الجزء : 1  صفحة : 59

العالمين، و الله لا عصيت ربّي ما عصمني بعد يومي هذا، فتوجّهت إلى أهلي، و خلّفت فرسي، و جئت إلى بعض رعاة أبي، فأخذت جبّته و كساءه، و ألقيت إليه ثيابي، فلم أزل أرض تقلّني، و أرض تضعني، حتى صرت إلى العراق، فعملت بها أياما، فلم يصف لي شي‌ء من الحلال، فسألت بعض المشايخ عن الحلال، فقال: عليك بالشام.

قال: فانصرفت إلى مدينة يقال لها المنصوريّة، و هي المصّيصة[1]، فعملت بها أياما، فلم يصف لي شي‌ء من الحلال، فسألت بعض المشايخ، فقال: إن أردت الحلال فعليك بطرسوس‌[2]، فإن المباحات بها و العمل كثير، قال: فبينا أنا قاعد على باب البحر؛ إذ جاءني رجل فاكتراني أنظر له بستانا[3]، فتوجهت معه، فكنت في البستان أياما كثيرة، فإذا أنا بخادم قد أظل‌[4]، و معه أصحاب له، و لو علمت أن البستان لخادم ما نظرته، فقعد في مجلسه ثم قال: يا ناطور[5]، فأجبته، قال: اذهب فأتنا بأكبر رمّان تقدر عليه و أطيبه، فأتيته برمّان، فأخذ الخادم رمّانة فكسرها، فوجدها حامضة، فقال: يا ناطور[6]؛ ما هذا؟ أنت منذ كذا و كذا في بستاننا، تأكل من فاكهتنا و رمّاننا، لا تعرف الحلو من الحامض؟ قلت: و الله ما أكلت من فاكهتكم شيئا و ما أعرف الحلو من الحامض. قال: فغمز الخادم أصحابه، و قال: أ لا تعجبون من هذا؟ ثم قال لي: لو كنت إبراهيم بن أدهم ما زاد على هذا.

فلما كان من الغد، حدث الناس في المسجد بالصّفة[7]، فجاء الناس عنقا[8] إلى البستان، فلما رأيت كثرة الناس اختفيت، و الناس داخلون، و أنا هارب منهم.


[1] - المصيصة: مدينة على ساحل البحر المتوسط، بين أنطاكية و بلاد الروم، تجاور طرطوس، و تطلق أيضا على قرية من قرى الشام قرب بيت لهيا.( معجم البلدان 5/ 169).

[2] - طرسوس: مدينة بثغور الشام بين أنطاكية و حلب، تقع على نهر طرسوس، فتحها المأمون، و فيها دفن.( معجم البلدان 4/ 31).

[3] - أي: استأجرني لأحرس له بستانه، و أحافظ عليه.

[4] - أي: دنا و اقترب.

[5] - الناطور: حافظ البستان و حارسه.

[6] - الناطور: حافظ البستان و حارسه.

[7] - الصّفة، مصطبة مرتفعة.

[8] - عنقا: جماعات.

اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر    الجزء : 1  صفحة : 59
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست