اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر الجزء : 1 صفحة : 468
و قالوا: تأخير الأجل حصن المحارب.
و قيل لبعضهم: فى أى جنّة تحبّ أن تلقى عدوك؟ [قال: في أجل متأخّر.
و قيل لآخر: في أي سلاح تحب أن تلقى عدوّك][1]
قال: بإدبار دولته و انقضاء مدّته.
و اعلم: ان الشّجاعة لمن كانت له الدولة، و إذا انقضت المدة لم تغن
كثرة العدد. و قال علي رضي الله عنه: إذا انقضت المدة كانت الهلكة فى الحيلة.
و اعلم أن كل كريهة ترفع، أو مكرمة تكتسب، لا تتحقق إلا بالشجاعة، أ
لا ترى أنّك إذا هممت أن تمنح شيئا من مالك خار طبعك، و وهن قلبك، و عجزت نفسك
فشححت به، و إذا حقّقت عزمك، و قوّيت نفسك، و قهرت ذلك العجز، أخرجت المال المضنون
به، و على قدر قوة القلب و ضعفه، تكون طيبة النفس بإخراجه، أو كراهية النفس
لإخراجه مع إخراجه، و على هذا النمط جميع الفضائل، مهما لم يقارنها قوة نفس لم
تتحقق، و كانت مخدوعة.
و روي أن الرسول صلى اللّه عليه و سلم قال: «الشجاعة و الجبن غرائز،
يضعها الله تعالى فيمن يشاء من عباده، فالجبان يفرّ عن أمّه و أبيه، و الشجاع
يقاتل عمن لا يئوب به إلى رحله»[2].
فبقوة القلب: يصاب امتثال الأوامر، و الانتهاء عن الزّواجر، و بقوة
القلب:
يصاب اكتساب الفضائل، و بقوة القلب: ينتهى عن اتّباع الهوى، و
التضمّخ[3]
بالرذائل.
[2] - رواه البيهقى عن عمر بن الخطاب بلفظ:« الشجاعة و
الجبن غرائز فى الناس، تلقى الرجل يقاتل عمن لا يعرف، و تلقى الرجل يفر عن أبيه»،
و ذكره العجلونى فى كشف الخفاء بلفظ:« الجبن و الجرأة غرائز يضعها الله حيث يشاء»
كشف الخفاء- العجلونى رقم( 1065)، و معنى يئوب به: يرجع به.